يقول السائل: توفي شخص وعليه ديون ولم يترك وفاءً لديونه فهل يجوز أن نقضي ديونه من أموال الزكاة؟
الجواب: إن من مصارف الزكاة مصرف الغارمين كما نصت على ذلك الآية الكريمة: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) سورة التوبة الآية ٦٠. والأصل عند أهل العلم أن الميت إذا كان عليه ديون وترك أموالاً أن تسدد ديونه من تركته فإن لم يترك أموالاً تفي بقضاء الدين فإن على بيت مال المسلمين قضاء ديونه لما صح في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاءً لدينه فعلينا قضاؤه ومن ترك مالاً فلورثته) رواه البخاري ومسلم. فإن لم يتيسر سداد الدين من بيت مال المسلمين كما هو الحال الآن في زماننا فيجوز على الراجح من قولي العلماء قضاء الدين عن الميت لأن الميت المدين داخل في عموم قوله تعالى:(وَالْغَارِمِينَ) لأنها شاملة لكل غارم حياً كان أو ميتاً. بل إن بعض العلماء قد قال: قضاء دين الميت أحق من قضاء دين الحي لأن دين الميت لا يرجى قضاؤه. قال الشيخ ابن العربي المالكي:[فإن كان ميتاً - أي الغارم - قضي منها دينه لأنه من الغارمين] أحكام القرآن ٢/٩٦٨. وقال الشيخ القرطبي:[وقال علماؤنا وغيرهم: يقضى منها دين الميت لأنه من الغارمين، قال صلى الله عليه وسلم: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعاً - أي عيال - فإلي وعليّ] تفسير القرطبي ٨/١٨٥. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وأما الدين الذي على الميت فيجوز أن يوفى من الزكاة في أحد قولي العلماء وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأن الله تعالى قال: (وَالْغَارِمِينَ) ولم يقل: (وللغارمين) فالغارم لا يشترط تمليكه وعلى هذا يجوز الوفاء عنه وأن يملك لوارثه ولغيره] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٢٥/٨٠. والقول بجواز قضاء دين الميت من الزكاة هو قول مالك وأكثر أصحابه والشافعي في وجه وأصحابه وأحمد في إحدى الروايتين عنه وبه قال أبو ثور وأبو جعفر الطحاوي وغيرهم من أهل العلم. قال العلامة الدكتور يوسف القرضاوي فظه الله: [والذي نرجحه: أن نصوص الشريعة وروحها لا تمنع قضاء دين الميت من الزكاة لأن الله تعالى جعل مصارف الزكاة نوعين: نوع عبر عنه استحقاقهم باللام التي تفيد التمليك وهم الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم - وهؤلاء هم الذين يملكون -. ونوع عبر عنه بـ (فِي) وهم بقية الأصناف: (وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ) فكأنه قال: الصدقات في الغارمين ولم يقل: للغارمين ... فالغارم على هذا لا يشترط تمليكه وعلى هذا يجوز الوفاء عنه وهذا ما اختاره وأفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية ويؤيد هذا حديث:(من ترك ديناً أو ضياعاً فإليّ وعليّ) ] فقه الزكاة ٢/٦٣٣. ?????