يصح إعطاء المتضررين من السيول والعواصف من الزكاة، يقول السائل: هل يجوز أن أعطي الناس الذين تضرروا بسبب العواصف والسيول من أموال الزكاة؟
الجواب: نعم يجوز أن يُعطى من مال الزكاة الذين تضرروا من السيول والعواصف، فخربت بيوتهم وتلفت مزارعهم ولم يعد لهم شيء، لأن هؤلاء يعتبرون من الغارمين وهم أحد مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في قوله تعالى:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) سورة التوبة/٦٠. والغارمون هم الذين ركبهم الدين ولا مال عندهم، كما قال الشيخ القرطبي في تفسيره ٥/١٨٣. ويُعتبر من أصابتهم الكوارث الطبيعية من هذا الصنف، قال د. يوسف القرضاوي:" وأخَصُ من ينطبق عليه هذا الوصف - الغارمون - أولئك الذين فاجأتهم كوارث الحياة ونزلت بهم جوائح اجتاحت مالهم واضطرتهم إلى الإستدانة لأنفسهم وأهليهم. فعن مجاهد قال: ثلاثة من الغارمين، رجل ذهب السيل بماله، ورجل أصابه حريق فذهب بماله، ورجل له عيال وليس له مال فهو يدان وينفق على عياله " رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٣/٢٠٧، وانظر فقه الزكاة ٢/٦٢٣. ويدل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، قال: ثم قال: (يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة، رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش فما سواهن في المسألة يا قبيصة سحتاً يأكلها صاحبها سحتاً) صحيح مسلم ٣/١٠٩ - ١١٠. والحمالة هي ما يتحمله عن غيره من دية أو غرامة، والجائحة هي الآفة المهلكة للثمار والأموال. قال صاحب عون المعبود:" من أصاب ماله آفة سماوية أو أرضية كالبرد والغرق ونحوه بحيث لم يبق له ما يقوم بعيشه حلت له المسألة حتى يحصل له ما يقوم بحاله ويسد خلته " عون المعبود ٣/٣٦. ويدل على دخول هؤلاء في الغارمين فتجوز لهم المسألة ويعطون من الزكاة ما ورد في الحديث"عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إنا قوم نتساءَل أموالنا، قال:(يتساءَل الرجل في الجائحة والفتق ليصلح به بين قومه فإذا بلغ أو كرب استعف) رواه أحمد وذكره الهيثمي وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات، مجمع الزوائد ٣/١٠٠. وقوله نتساءَل، أي يسأل بعضنا بعضاً في الأموال، وقوله والفتق أي الحرب تكون بين القوم تقع فيها الجراحات والدماء، وقوله فإذا بلغ أو كرب، أي فإذا بلغ مقصده بالسؤال أو قارب ذلك استعف " الفتح الرباني ٩/٦٧. *****