للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٧٠ - الخلوة]

يقول السائل: ما هي حدود العلاقة التي تربط بين زوج البنت وحماته (أم زوجته) من حيث الخلوة والنظر وإبداء الزينة؟

الجواب: إن أم الزوجة (الحماة) من المحرمات على التأبيد بسبب المصاهرة قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة النساء الآية ٢٣. فقوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) يدل على تحريم أم الزوجة على زوج ابنتها حرمة مؤبدة. ويرى أكثر العلماء أن هنالك تلازماً بين المحرمية وبين الأحكام المتعلقة بالخلوة والنظر وإبداء الزينة والسفر. فمادام زوج البنت محرماً على أم زوجته تنطبق عليه الأحكام المتعلقة بذلك وقد ثبت في الحديث من قوله النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم) رواه البخاري ومسلم. وقد نص أهل العلم على أنه يجوز للمحرم أن ينظر إلى ما يظهر غالباً من محارمه، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك وليس له النظر إلى ما يستتر غالباً كالصدر والظهر ونحوهما] المغني ٧/٩٨. ومن العلماء من يرى أنه لا يجوز لأم الزوجة إظهار زينتها لزوج ابنتها وإن كان يحرم زواجها منه على التأبيد لأن الآية الواردة في سورة النور والتي حصرت من يجوز إظهار الزينة لهم لم تذكر زوج البنت منهم قال الله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْءَابَائِهِنَّ أَوْءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة النور الآية ٣١. فالآية الكريمة حصرت الأشخاص الذين يجوز للمرأة أن تظهر زينتها لهم ولم يذكر زوج البنت منهم ونقل هذا القول عن بعض العلماء مثل سعيد بن جبير والإمام أحمد في رواية عنه كما في المغني ٧/٩٩. ولكن مذهب جمهور أهل العلم أرجح وأقوى حيث إن العم والخال لم يذكرا في الآية الكريمة واتفق جمهور العلماء على جواز إظهار الزينة أمامهما قال الجصاص الحنفي: [ولما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريماً مؤبداً دلّ ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم مثل زوج الابنة] أحكام القرآن ٥/١٧٤.

ومما يدل على ذلك أيضاً قصة عائشة مع أفلح أخي أبي القعيس وهو عمها من الرضاعة حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه عمك فليلج عليك) رواه البخاري ومسلم. ومع ذلك أقول إن إظهار الزينة لزوج البنت ليس أمراً واجباً وإنما هو واقع في دائرة المباح وعليه فأرى أنه يجب الأخذ بالاحتياط في مسائل الخلوة والنظر وإظهار الزينة والسفر مع زوج ابنتها وخاصة إذ لم يكن الفارق في السن بينهما كبيراً كأن تكون أم الزوجة صغيرة في السن أو جميلة فلا بد من سد كل الطرق التي تؤدي إلى الفساد وقد سمعت عن حوادث كثيرة من ارتكاب الفواحش بين أم الزوجة وزوج ابنتها ترتب عليها حصول مصائب ومآسي فظيعة ولا يغب عن أذهاننا مدى الفساد وقلة التقوى والورع الذي يعيشه الناس. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>