هل يجوز للزوجة التي تكره زوجها أن تطالبه بالطلاق وإذا رفض زوجها تطليقها إلا إذا دفعت له مبلغاً من المال هل ما يأخذه من المال حلال له؟ الجواب: الأصل في الزواج أن يكون عن توافق وتراض وإذا وقعت كراهية بين الزوجين أو كرهت الزوجة زوجها فإنه يجوز لها أن تطالب زوجها بطلاقها بدون سبب مشروع لما ورد في الحديث عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وقال الترمذي حديث حسن وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وأما إن كان هنالك سبب مشروع لطلبها الطلاق فلا بأس بذلك ومن الأسباب التي تجيز ذلك إذا وقع الشقاق والتنازع بين الزوجين وتعذرت سبل الإصلاح أو كرهت الزوجة زوجها وتعذر عيشهما سوية لأسباب خلقية أو دينية أو صحية ونحو ذلك. ويدل على جواز مطالبة المرأة لزوجها أن يطلقها مقابل مال تدفعه إليه هو ما يسمى عند الفقهاء بالخلع، قوله تعالى:(الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّاءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) سورة البقرة آية ٢٢٩. ويدل على ذلك أيضاً ما ورد في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ٠ أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إقبل الحديقة وطلقها تطليقة) رواه البخاري. وينبغي على الرجل إذا طالبته امرأته أن يطلقها مقابل مال أن يقبل ذلك ويطلقها ولا ينبغي له إمساكها على خلاف رغبتها فليس من المروءة أن يعيش رجل مع امرأة وهي له كارهة. وما يأخذه الرجل من مال أو منافع مقابل تطليقه لزوجته حلال له ولا بأس به ويدل على ذلك قوله تعالى:(فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) سورة النساء آية ٤. ويدل على ذلك أيضاً ما ورد في الحديث المتقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس (اقبل الحديثة وطلقها تطليقة) . وأما مقدار المال الذي يأخذه الزوج في المخالعة فاختلف فيه الفقهاء فمنهم من يرى أنه لا يجوز للزوج أن يأخذ من زوجته أكثر مما أعطاها مهراً ومنهم من يرى جوز الزيادة على ذلك. ولكني أرى الرأي الأول هو الأصح فلا يأخذ الزوج أكثر مما دفع لها في المهر. ويؤيد ذلك ما ورد في إحدى الروايات لحديث ابن عباس المتقدم في قصة مخالعة ثابت بن قيس وزوجته:(فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد) رواه ابن ماجة وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني وفي رواية أخرى (ففرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: خذ ما أعطيتها ولا تزدد) رواه البيهقي وله شواهد تقويه. وفي رواية أخرى:(أتردين عليه حديقته؟ ثم قالت: نعم وزيادة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الزيادة فلا) رواه الدارقطني وقال إسناده صحيح. وورد عن علي رضي الله عنه أنه قال:(لا يأخذ منها فوق ما أعطاها) رواه عبد الرزاق في المصنف , وقال الزهري:[لا يحل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها] . وقال ميمون بن مهران:[إن أخذ منها أكثر مما أعطاها لم يسرح بإحسان] . *****