يقول السائل: ما رأيكم فيما نقل عن الشيخ ناصر الدين الألباني في فتواه حول دعوته لأهل فلسطين للهجرة، وما رأيكم فيما نشر من ردود على تلك الفتوى؟
الجواب: لا شك لدي بأن ما نقل عن الشيخ الألباني-إن صح ذلك عنه-أنه خطأ واضح وأن الشيخ الألباني قد جانب الصواب في هذه الفتوى. ولا أريد أن أناقش هذه الفتوى لأن الحق فيها واضح ولكني أريد أن أتحدث عن بعض الردود وخاصة أن بعضها قد صدر عمن ينتسبون للعلم الشرعي ولا أعتب على بعض الصحافيين الذين وصفوا الشيخ الألباني بأوصاف لا تليق واستخدموا عبارات مجانبة للحوار والاختلاف البناء ولكني أسفت لما صدر عن بعض المشايخ من تفوهات وألفاظ مؤسفة وصف الشيخ الألباني بها بل أن بعضهم قد جرده من كل مؤهل وأنه يهرف بما لا يعرف وأنه دعي من الأدعياء ونقول لهؤلاء وأولئك: أنى لأي عالم مهما بلغ في العلم أن ينجو من الوقوع في الخطأ؟ فكل العلماء معرضون للوقوع في الأخطاء وكما يقال لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة ولا عصمة لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولله در الإمام مالك إمام جار الهجرة رحمه الله عندما قال:[كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر] وأشار بيده إلى قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولو ذهبنا نحصي أخطاء علماء المسلمين لما سلم من ذلك إلا من رحم الله منهم. إن وقوع أي عالم في خطأ ما مهما كان هذا الخطأ لا يعني أن نجرده من كل علم وأن نصفه بأقبح الأوصاف وأن نلصق به شتى التهم ومختلف النقائص فإن هذا ليس من منهج علماء المسلمين في نقد آراء العلماء لأن النقد العلمي يجب أن يبنى على الحجج والبراهين والأدلة بأسلوب يتضمن الأدب والخلق الرفيع وينطوي على احترام الآخرين فالتهجم والتجريح ليس من شيم علماء المسلمين وكذلك الطعن في المخالفين وتجريدهم من الدين والعلم والفضل والخلق ليس من منهج النقد العلمي البناء. إن علماء المسلمين لهم احترامهم ولهم مكانتهم في قلوب المسلمين وينبغي التعامل معهم بكل أدب واحترام يليق بهم وإن صدرت عنهم آراء مجانبة للحق والصواب ولا يحق لأحد مهما كان أن يتناول العلماء بلسانه فإن لحوم العلماء مسمومة كما قال الحافظ ابن عساكر في كلمته النيرة التي تستحق أن تكتب بحروف من ذهب:[اعلم يا أخي - وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلني وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته - أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب] . وأود ان أذّكر من لا يعرف الشيخ الألباني وفضله وخدمته الجليلة لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ببعض ذلك فأقول: لا شك أن الشيخ الألباني هو محدث الديار الشامية في القرن الرابع عشر الهجري بلا منازع وأن جهوده الضخمة في خدمة السنة النبوية لا ينكرها إلا مكابر ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل فالشيخ الألباني قام ومنذ سنين طويلة بالعمل على خدمة السنة النبوية وأصدر عشرات المؤلفات التي استفاد منها طلبة العلم الشرعي في الجامعات والمعاهد وفي حلقات العلم في المساجد وأذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر: ١. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وهو كتاب ضخم يقع في ثمانية مجلدات خرج فيه أحاديث كتاب منار السبيل من كتب فقه الحنابلة وبلغ عدد أحاديثه أكثر من ٢٧٠٠ حديث. ٢. سلسلة الأحاديث الصحيحة وصدر منها إلى الآن خمس مجلدات بلغت أحاديثها ٢٥٠٠ حديث. ٣. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة صدر منها إلى الآن أربع مجلدات بلغت أحاديثها ٢٠٠٠ حديث. ٤. صحيح الجامع الصغير وزيادته في ثلاثة مجلدات كبيرة مع ضعيف الجامع وبلغت أحاديثه أكثر من أربعة عشر ألف حديث. ٥. صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. ٦. أحكام الجنائز. ٧. جلباب المرأة المسلمة. ٨. تخريج أحاديث الحلال والحرام. ٩. الأجوبة النافعة. هذه بعض مؤلفات الشيخ الألباني وله غيرها كثير. وفي الختام أدعو المنتسبين للعلم الشرعي أني يراعوا أدب الأسلام في الاختلاف وأن يتبعوا المنهج العلمي في النقد وأن يرتفعوا عن المهاترات وأن يلتزموا بقول الله تعالى:(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) . *****