يقول السائل: ما الحكم الشرعي فيما يعرف هذه الأيام بالشرط الجزائي في المعاملات؟
الجواب: لا بد من توضيح الشرط الجزائي فنقول:
نظراً لتطور أساليب التجارة والتعامل بين الناس وجدت انواع من العقود والتعامل في العصور المتأخرة لم تكن معروفة في الماضي وصار لعامل الوقت أهمية قصوى في التعامل كما هو الحال في عقود التوريد إلى المصانع والمؤسسات المختلفة ونظراً لما يترتب على تأخير تسليم البضاعة إلى المصانع أو إلى المؤسسات أو تأخير تسليم المقاولين للأعمال المنوطة بهم ولما يترتب على ذلك التأخير من أضرار قد تلحق بالأطراف الأخرى في أمثال هذه العقود احتاج الناس إلى اشتراط شروط تصمن لهم حقوقهم وتلزم الطرف الذي يتأخر في تنفيذ العقد أو يخل بشيء من العقد بدفع تعويض مالي إلى الطرف الآخر وهذا ما يعرف بالشرط الجزائي.
والذي عليه كثير من الفقهاء المعاصرون أن الشرط الجزائي جائز وأنه من الشروط التي تعتبر في مصلحة العقد إذ هو حافز لإكمال العقد في وقته المحدد له، ويمكن أن يستدل على جوازه بما رواه البخاري في صحيحيه بسنده عن ابن سيرين أن رجلاً قال لكريه:(من يكري وسائل النقل) أدخل ركابك فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا فلك مائة درهم فلم يخرج فقال شريح: من شرط على نفسه طائعاً ليس مكره فهو عليه.
ويضاف إلى ذلك أن الشرط الجزائي مقابل للإخلال بالإلتزام الذي قد يلحق الضرر ويفوت المنافع. والقول بجواز الشرط الجزائي سد لأبواب الفوضى والتلاعب بحقوق عباد الله وهو سبب من أسباب دفع الناس للوفاء بالعقود تحقيقاً لقوله تعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) .
وينبغي ملاحظة أمرين في قضية الشرط الجزائي:
الأول: أنه لا ينبغي تنفيذ الشرط الجزائي إذا كان هنالك عذر شرعي في الإخلال بالالتزام فيكون العذر الشرعي مسقطاً لوجوبه حتى يزول العذر.
الثاني: إذا كان الشرط الجزائي كثيراً عرفاً بحيث يراد به التهديد المالي ويكون بعيداً عن مقتضى القواعد الشرعية فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف ويرجع في تقدير الضرر إلى أهل الخبرة والشأن في ذلك.
ولا بد من مراعاة قواعد العدل ورفع الضرر عن الناس لقوله صلى الله عليه وسلم:(لا ضرر ولا ضرار) .