للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٧ - المسح على الجوربين ثابت شرعا]

وردتني عدة تساؤلات تتعلق بالمسح على الخفين والجوربين أذكرها وأجيب عنها:

أولاً: ما حكم المسح على الأحذية " الكنادر "؟

الجواب: يجوز المسح على الأحذية " الكنادر " إذا كانت تغطي الجزء المفروض غسله من الرجلين وهو ما دون الكعبين - والكعب هو العظم الناتئ في أسفل الساق - ويجوز المسح على ما يسمى باللغة الدارجة " البوط " وما يشبهه من الأحذية التي تغطي الكعبين لأن المقصود بالمسح على الخفين الوارد في النصوص هو التخفيف عن الناس ورفع الحرج والمشقة فالصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم جواز المسح على كل ما يلبس على الرجلين بل إن بعض العلماء لا يشترط الشرط الذي ذكرته وهو أن يكون ساتراً لمحل الفرض في غسل الرجلين ورأيه وجيه.

ثانياً: ما صفة الجوارب التي يمسح عليها وهل يجب أن تكون سميكة كالجوارب الصوفية أم يجوز المسح على الجوارب الرقيقة؟

الجواب: إن المسح على الجوربين كما هو معلوم ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومنقول عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ولم يرد عنهم فيما أعلم صفة الجورب الذي يجوز المسح عليه من حيث كونه ثخيناً أو رقيقاً والأصل أن ما جاء عن الشارع بدون تقييد أن يبقى على إطلاقه ويترتب على ذلك جواز المسح على مطلق جورب ويؤيد ذلك أنه نقل عن عمر وعلي رضي الله عنهما جواز المسح على الجور الرقيق. ذكره الإمام النووي في المجموع ١/٥٠٠.

ثم إن القول بجواز المسح على كل جورب يحقق معنى الرخصة المقصودة من ذلك وهو التخفيف والتيسير على الناس.

ثالثاً: ما الحكم إذا لبس جورباً فوق الجورب الذي مسح عليه، هل يجوز المسح على الجورب الثاني؟

الجواب: إذا لبس الجورب الثاني قبل أن يحدث فله أن يمسح على الجورب الثاني وتعتبر مدة المسح حسب الجورب الأول.

رابعاً: ما الحكم إذا نزع الجورب بعد أن مسح عليه وهو على ضوء فهل ينتقض وضوءه أم لا؟

الجواب: إن الوضوء لا ينتقض بمجرد نزع الخف على الراجح من أقوال أهل العلم ما لم يطرأ ناقض من نواقض الوضوء، قال الإمام النووي بعد أن ذكر ثلاثة أقوال في المسألة: [الرابع لا شيء عليه لا غسل القدمين ولا غيره بل طهارته صحيحة يصلي بها ما لم يحدث كما لو لم يخلع وهذا المذهب حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وقتادة وسليمان بن حرب واختاره ابن المنذر وهو المختار الأقوى ... واحتج له بأن طهارته صحيحة فلا يبطل بلا حدث كالوضوء وأما نزع الخف فلا يؤثر في الطهارة بعد صحتها كما لو لم مسح رأسه ثم حلقه] المجموع ١/٥٢٧.

وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: [ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما ولا بانقضاء المدة ولا يجب عليه مسح رأسه ولا غسل قدميه وهو مذهب الحسن البصري كإزالة الشعر الممسوح على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور] الاختيارات العلمية ص ١٥.

وهذا أيضاً مذهب ابن حزم الظاهري فقد قال: [ومن مسح كما ذكرنا على ما في رجليه ثم خلعهما لم يضره ذلك شيئاً ولا يلزمه إعادة الوضوء ولا غسل رجليه بل هو طاهر كما كان ويصلي كذلك ...] المحلى ١/٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>