[١١ - الحيض]
حكم عدم انتظام الحيض, تقول السائلة: عند اقتراب المرأة من سن اليأس يختل انتظام العادة الشهرية فتزداد الأيام التي ينزل فيها الدم وقد تستمر إلى عشرين يوماً بل وأكثر وتكون الأيام التي لا ينزل فيها الدم قليلة فكيف تصلي المرأة وتصوم في هذه الحال؟
الجواب: قال الله سبحانه وتعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) سورة البقرة الآية ٢٢٢.
فهذه الآية الكريمة ذكرت أن نهاية المنع من قربان الحائض هو الطهر وبالتالي ما دام أن هذا الدم الذي تراه المرأة هو دم حيض فهي حائض وإن زادت أيامه فلا تصلي ولا تصوم حتى تتطهر فإن الراجح من أقوال أهل العلم أن الحيض لا حد لأكثره ولا حد لأقله لأن علة الحكم المذكور في الآية السابقة هي الحيض وجوداً وعدماً فمتى وجد الحيض ثبت الحكم الشرعي ومتى عدم الحيض أي طهرت زال الحكم وانتفى.
وقد اختار طائفة من أهل العلم هذا القول ورجحوه لأن الحيض أمر طبيعي خلقه الله في النساء ويختلف من امرأة إلى أخرى وللبيئة أثر في اختلاف عادات النساء.
ومما يدل على ذلك ما ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
(قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة. قالت: فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إفعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) رواه البخاري. فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن غاية المنع من الطواف الطهر أي انقطاع الحيض.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [فصل جامع نافع: الأسماء التي علق الله بها الأحكام في الكتاب والسنة منها ما يعرف حده ومسماه بالشرع فقد بينه الله ورسوله كاسم الصلاة والزكاة والصيام والحج ... ومنه ما يرجع حده إلى عادة الناس وعرفهم فيتنوع بحسب عادتهم ... ومن ذلك اسم الحيض علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة ولم يقدر لا أقله ولا أكثره ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمة بذلك واحتياجهم إليه واللغة لا تفرق بين قدر وقدر فمن قدر في ذلك حداً فقد خالف الكتاب والسنة والعلماء منهم من يحد أكثره وأقله ثم يختلفون في التحديد ومنهم من يحد أكثره دون أقله والقول الثالث أصح: أنه لا حد لأقله ولا لأكثره بل ما رأته المرأة عادة مستمرة فهو حيض وإن قدر أنه أقل من يوم استمر بها على ذلك فهو حيض وإن قدر أن أكثره سبعة عشر استمر بها على ذلك فهو حيض وأما إا استمر الدم بها دائماً فهذا قد علم أنه ليس بحيض لأنه قد علم من الشرع واللغة أن المرأة تارة تكون طاهراً وتارة تكون حائضاً ولطهرها أحكام ولحيضها أحكام] .
ثم قال شيخ الإسلام: [والأصل في كل ما يخرج من الرحم أنه حيض حتى يقوم دليل على أنه استحاضة لأن ذلك هو الدم الأصلي الجبلي وهو دم ترخية الرحم ودم الفساد دم عرق ينفجر وذلك كالمرض والأصل الصحة لا المرض فمتى رأت المرأة الدم جارياً من رحمها فهو حيض تترك لأجله الصلاة ... ] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٩/٢٣٥-٢٣٨.
وبناءً على كل ما سبق فإن هذه المرأة تترك الصلاة والصوم ولا يأتيها زوجها ما دام أن الدم الذي ينزل عليها دم حيض وإن تجاوز مدة العادة الشهرية، وأما إن اختلف الدم كأن يكون دم فساد وعلة - أي نزيف - فهو استحاضة لما ثبت في الحديث أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي) رواه البخاري.
ففي هذا الحديث أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض فإذا انقضى قدر دم الحيض اغتسلت منه وصلت وتتوضأ لوقت كل صلاة. فتح الباري ١/٤٢٥.
?????