[٣٨ - يصح صوم من أصبح جنبا]
يقول السائل: أصابته جنابة في ليلة من رمضان ولم يغتسل إلا بعد أذان الفجر فهل صومه صحيح أم لا؟
الجواب: لا تشترط الطهارة من الجنابة للصيام فيجوز للجنب أن يدخل عليه وقت الفجر وهو جنب ولكن ينبغي له أن يغتسل حتى يصلي الفجر.
قال الإمام النووي: [فقد أجمع أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب سواء كان من احتلام أو جماع وبه قال جماهير الصحابة والتابعين ...] شرح النووي على صحيح مسلم ٣/١٨١.
ويدل على ذلك ما جاء في الحديث عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم فيغتسل ويصوم) رواه مسلم.
وروى مسلم بإسناده: (أن مروان أرسل إلى أم سلمة رضي الله عنها يسأل عن الرجل يصبح جنباً أيصوم؟ فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماعٍ لا من حلم ثم لا يفطر ولا يقضي) .
وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب فقال: (يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب أفأصوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم. فقال: لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي) رواه مسلم.
*****
عقوبة من أفطر عامداً في رمضان
يقو السائل: ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أفطر يوماً في رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر وإن صامه) فهل معنى هذا الحديث أن من أفطر عامداً في رمضان أنه لا يقضي اليوم الذي أفطره؟
الجواب: إن هذا الحديث المذكور رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد وذكره البخاري تعليقاً بصيغة التمريض عن أبي هريرة ? وهو حديث ضعيف عند المحدثين.
قال الحافظ ابن عبد البر: [وهذا - أي الحديث - يحتمل أن يكون لو صح على التغليظ وهو حديث ضعيف لا يحتج به] الاستذكار ١٠/١٠٤.
وقال الإمام الترمذي: [حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه وسمعت محمداً - يعني الإمام البخاري - يقول: أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث] سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي ٣/٣٤١.
وقال الحافظ ابن حجر: [... وقال البخاري في التاريخ أيضاً: تفرد أبو المطوس بهذا الحديث ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا؟
قلت: - أي الحافظ - واختلف فيه على حبيب ابن أبي ثابت اختلافاً كثيراً فحصلت فيه ثلاث علل: الاضطراب، والجهل بحال أبي المطوس، والشك في سماع أبيه من أبي هريرة، وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء ...] فتح الباري ٥/٦٣.
وضعفه الحافظ ابن بطال شارح صحيح البخاري. عون المعبود ٧/٢١.
وضعف الحديث أيضاً الشيخ الألباني حيث قال: [... الحديث ضعيف وقد أشار لذلك البخاري بقوله: (ويذكر) وضعفه ابن خزيمة في صحيحه والمنذري والبغوي والقرطبي والذهبي والدميري فيما نقله المناوي والحافظ ابن حجر ...] تمام المنة ص ٣٩٦.
والحاصل أن الحديث ضعيف وعلى من أفطر يوماً من رمضان عامداً بالأكل أو الشرب أن يقضي يوماً مكانه وأن يتوب إلى الله توبةً صادقة لأنه أتى ذنباً عظيماً.
قال الإمام البغوي: [هذا- أي الحديث - على طريق الإنذار والإعلام بما لحقه من الإثم وفاته من الأجر فالعلماء مجمعون على أنه يقضي يوماً مكانه] شرح السنة ٦/٢٩٠.
*****