للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٦٤ - الميراث]

حرمان النساء من الميراث حرام ,

تقول السائلة: تنازلت امرأة عن ميراثها لأخيها تحت تأثير التهديد والوعد والوعيد منه مقابل أن يعطيها في كل عامٍ مالاً يكفيها لتنفق على نفسها ولكنه لم يف بالتزامه فهل يجوز أن تطالبه بإعادة نصيبها من الميراث؟

الجواب: إن حرمان النساء من الميراث بصوره المختلفة من المشكلات المنتشرة في مجتمعنا، وكثيراً ما يترتب على ذلك الحرمان مآس من ظلم وقهر وأكل أموال الناس بالباطل وإن حرمان النساء من الميراث من مخلفات الجاهلية التي هدمها الإسلام قال قتادة: [كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان] وكان أكبر الأولاد هو الذي يأخذ جميع الميراث وكانوا يقولون: لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل وطاعن بالرمح وضارب بالسيف وحاز الغنيمة. وهذه جاهلية جهلاء حاربها الإسلام وأعطى المرأة نصيبها من الميراث يقول الله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) . فهذه الآية الكريمة أوجبت النصيب من الميراث للرجال والنساء قليلاً كان ذلك أو كثيراً فالمرأة سواء كانت أماً أو زوجة أو أختاً أو بنتاً فلها نصيبها من الميراث وهذا النصيب حق شرعي لها وليس منةً أو تفضلاً من أحد فلا يجوز لأي كان أن يحرمها من نصيبها الذي قرره الشرع الحنيف. وكل من يحرم امرأة من نصيبها بأي وسيلة كانت كالتهديد والوعيد بإجبارها على التنازل عن ميراثيها أو بالتحايل عليها لإسقاط حقها بما يسميه عامة الناس (إرضاء الأخوات) زوراً وبهتاناً. أقول كل من يفعل ذلك فهو آثم ومعطل لحكم الله في هذه القضية ومعتد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ,وأكل لأموال الناس بالباطل. وهذه المرأة التي هددها أخوها وأجبرها على التنازل عن ميراثها مقابل وعد زائف كاذب بالأنفاق عليها قد ظلمت ظلماً واضحاً من هذا الأخ الظالم الذي أكل مال أخته بالباطل ولها أن تطالب بحقها وتسعى في تحصيله. وإنني لأذكر هذا الأخ وكل شخصٍ يحرم النساء من الميراث بتقوى الله تعالى فاتقوا الله في إخواتكم النساء وأعطوا الحقوق لأصحابها وأعيدوا نصيب النساء لهن قبل أن ترحلوا عن هذه الدنيا وقبل أن تقفوا بين يدي الله في ذلك اليوم العظيم الذي لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم. فتوبوا إلى رشدكم ولا تغرنكم الأموال ولا العقارات وأعطوا كل ذي حقٍ حقه على وفق ما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأذكر هؤلاء بأن الظلم مرتعه وخيم فقد قال صلى الله عليه وسلم:

١. عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) رواه مسلم.

٢. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء – التي لا قرن لها – من الشاة القرناء) رواه مسلم.

٣. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) رواه البخاري.

٤. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذ إلى اليمن فقال: اتقي دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>