السؤال الأول: يقول السائل: سمعت حديثاً في فضائل صوم العشر الأوائل من شهر ذي الحجة ونصه (من صام العشر فله بكل يوم صوم شهر، وله بصوم يوم التروية سنة، وله بصوم يوم عرفة سنتان) فهل هذا الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أفيدونا؟ الجواب: فضل العشر الأوائل من ذي الحجة ثابت بكتاب الله سبحانه وتعالى وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد قال الله تعالى: (والفجر وليال عشر) سورة الفجر الآيتان ١ - ٢. وأكثر أهل التفسير على أن المراد بهذه العشر هو عشر ذي الحجة انظر تفسير القرطبي ٢٠/٣٩. وورد في السنة النبوية عدة أحاديث في فضيلة هذه العشر منها: ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما العمل في أيام أفضل منها في هذه قالوا ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء) وفي رواية للطبراني في الكبير بإسناد جيد كما قال المنذري: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير) وفي رواية للبيهقي في شعب الإيمان قال صلى الله عليه وسلم: (ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى) قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال:(ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) فكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه ذكره المنذري في الترغيب ٢/١٥٠. وروى الحديث الدارمي أيضاً وإسناده حسن كما قال الألباني في إرواء الغليل ٣/٣٩٨. ولا شك أن الصيام داخل في الأعمال هذه الصالحة، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ٢/٤٦٢.
وفي رواية أخرى عن هنيدة بن خالد الخزاعي عن حفصة رضي الله عنها قالت:(أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من كل شهر وركعتين قبل الغداة) رواه النسائي وأحمد. وثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال:(ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً) وهذا الحديث بعمومه يدل على فضيلة صوم التسع الأوائل من ذي الحجة.
إذا تقرر هذا فأعود للحديث محل السؤال فإنه حديث موضوع أي مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حكم عليه بالوضع كل من ابن الجوزي في الموضوعات ٢/١٩٨ والسيوطي في اللآلئ المصنوعة ٢/١٠٧، ١٠٨ وابن عراق في تنزيه الشريعة ٢/١٥٦ والشوكاني في الفوائد المجموعة حيث قال:[رواه ابن عدي عن عائشة مرفوعاً ولا يصح وفي إسناده الكلبي وأخرجه أبو الشيخ في الثواب ورواه ابن النجار في تاريخه من حديث جابر] وذكر الشيخ عبد الرحمن اليماني محقق الفوائد المجموعة أن في إسناد رواية ابن النجار كذاباً وضاعاً، انظر الفوائد المجموعة ص ٩٦ وما صح من الأحاديث في فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة يغني عن هذا الحديث المكذوب.