للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦٢ - من البدع في الصلاة]

بدعة ختم الصلاة جماعة،

يقول السائل: صلينا الفجر في أحد المساجد، وبعد الصلاة استقبل الإمام المصلين وأخذ بالإستغفار والمصلون يرددون، ثم ختم الصلاة على الهيئة المعروفة في كثير من المساجد، فاعترض على ذلك أحد المصلين وقال: إن هذا الختم لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وحدث جدال وصراخ في المسجد، فما قولكم في ذلك؟ الجواب: لا شك أن ترك سنة المصطفىصلى الله عليه وسلم شؤم ما بعده شؤم، ويؤدي إلى وقوع مثل هذا الصياح في المساجد والتي صارت كالأسواق التي تعلو فيها الأصوات والصيحات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وهنا لا بد أن نقرر أصلاً طالما ذكرته ألا وهو أن الأصل في العبادة التلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا زيادة ولا نقصان. وهذا الإستغفار الجماعي وختم الصلاة على الهيئة المعروفة في كثير من مساجدنا لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم. قال الشيخ علي محفوظ: " ومن البدع المكروهة، ختم الصلاة على الهيئة المعروفة من رفع الصوت به وفي المسجد والإجتماع له والمواظبة عليه، حتى اعتقد العامة أنه من تمام الصلاة، وأنه سنة لا بد منها، مع أنه مستحب انفراداً سراً، فهذه الهيئة محدثة لم تعهد عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ولا عن الصحابة، وقد اتخذها الناس شعاراً للصلوات المفروضة عقب الجماعة، وقد صرح كثير من الفقهاء بأن الشعار في الدين مكروه، ولذا قال الإمام ابن الصلاح بكراهة ما يفعله الناس بعد فراغهم من السعي بين الصفا والمروة، من صلاة ركعتين على متسع المروة، وكيف يجوز رفع الصوت به والله تعالى يقول في كتابه الحكيم (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) سورة الأعراف /٥٥، والتضرع من الضراعة وهي الذلة والخشوع والإستكانة والخفية بضم الخاء وكسرها، الإسرار به فإنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء، وانتصابهما على الحال أي ادعوه متضرعين بالدعاء مخفين له مسرين به، ثم علل ذلك بقوله (إنه لا يحب المعتدين) في الدعاء بترك ما أمروا به من التضرع والإخفاء، كما لا يحب الإعتداء في سائر الأشياء، والإعتداء تجاوز الحدود فيها، فمن جاوز ما أمره الله به في شيء من الأشياء فقد اعتدى، والله لا يحب المعتدين ولا يشملهم برحمته وإحسانه، وتدخل امجاوزة في الدعاء في هذا المفهوم دخولاً أوليا، وحسبك في تعيين الإسرار بالدعاء إقترانه بالتضرع في هذه الآية الكريمة، فالإخلال به كالإخلال بالتضرع في الدعاء، وإن دعاء لا تضرع فيه ولا خشوع لقليل الجدوى، فكذلك دعاء لا خفية فيه ولا إسرار ولا وقار " الإبداع ٢٨٣ - ٢٨٤. وقال العلامة ابن القيم: " وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة، أو المأمومين فلم يكن ذلك من هديه صلى الله عليه وسلم أصلاً ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن" زاد المعاد ١/٢٥٧. ويكون الإستغفار ثلاثاً والتسبيح والتحميد والتكبير كل منها ثلاث وثلاثون مرة وختمها بالتهليل عقب الصلاة سراً، في أي حالة يكون عليها المصلون بعد الصلاة، من قيام وقعود ومشي وإن الإجتماع لذلك والإشتراك فيه ورفع الصوت بدع، هوّنها على الناس التعود " الفتح المبين ص٣٠٦. وخلاصة الأمر أن الختم الجماعي للصلاة لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فالتزام فعل ذلك بعد كل صلاة بدعة، وأخيراً ينبغي التذكير بأن النهي عن البدع والدعوة إلى إتباع السنة النبوية، يجب أن يكون بأسلوب هين لين فيه رفق بالناس، وليس بالشدة والصراخ في المساجد لأن المساجد لها حرمتها فلا ينبغي الصراخ فيها ورفع الأصوات لما في ذلك من التشويش على المصلين وعلى الذاكرين. *****

<<  <  ج: ص:  >  >>