للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٧٣ - الدعاء والقنوت]

أفضل الأذكار،

يقول السائل: ما هي أفضل الأذكار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وما حكم الذكر بلفظ الجلالة المفرد، الله الله؟!

الجواب: الذكر عبادة من أعظم العبادات وأجلها مع كونها أيسر العبادات لأن حركة اللسان أخف حركات الجوارح فيه يحصل الفضل للذاكر وهو قاعد على فراشه وفي سوقه وفي حال صحته ومرضه وفي حال قيامه وقعوده وإقامته وسفره فليس شيء من الأعمال الصالحة يعم الأوقات والأحوال مثل الذكر. وقد أثنى الله في كتابه الكريم على الذاكرين والذاكرات فقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) . وثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (سبق المفردون. قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات) رواه مسلم. وقد وردت أقوال عن الصحابة والتابعين في بيان المراد من الذاكرين والذاكرات فقد ورد عن ابن عباس رضي الله: [الذين يذكرون الله في أدبار الصلوات وغدواً وعشياً وفي المضاجع وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا أو راح من منزله ذكر الله تعالى] ، وقال مجاهد: [لا يكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات حتى يذكر الله قائماً وقاعداَ ومضطجعاً] . وقال عطاء: [من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ) راجع الأذكار للنووي ص ٧. وقد اتفق أهل العلم على أن أفضل الذكر هو القرآن الكريم. قال الإمام النووي: [اعلم أن تلاوة القرآن هي أفضل الأذكار والمطلوب القراءة بالتدبر] الأذكار ص ٨٥. وبعد ذلك الأذكار المأثورة عن سيد الذاكرين عليه الصلاة والسلام وهي كثيرة وأفضلها: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلى الله والله أكبر) . وقد وردت أحاديث كثيرة منها:

١. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الل صلى الله عليه وسلم: (لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس) رواه مسلم.

٢. وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت) رواه مسلم.

٣. عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: (أفضل الذكر لا إله إلا الله) رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي وغير ذلك من الأحاديث. ولا شك أن الأذكار المأثورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم هي أفضل الأذكار وخاصة الأذكار التي وردت في الشرع مرتبة على أوقات معلومة أو لأفعال مخصوصة وذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام هو قدوتنا ولأنه أعلم بالله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته ولكونه عليه الصلاة والسلام أفصح العرب وأعلمهم بمواقع الكلام لكونه أوتي جوامع الكلم وأمد بالتسديد الرباني وكمال النصح لأمته فاتباعه في أذكاره أفضل من الاشتغال بذكر يخترعه الإنسان من عند نفسه. وبناء على ذلك فاعلم أخي السائل أن ذكر الله بلفظ الجلالة المفرد " الله، الله " لم يثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه رضي الله عنهم وهو ذكر مبتدع وليس من المأثورات في شي واعلم أن الذكر ثناء والثناء لا يكون إلا بجملة مفيدة يحسن السكوت عليها وليس كذلك الاسم المفرد. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [وأما الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة ولا يتعلق به إيمان ولا كفر ولا أمر ولا نهي ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة ولا شرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ...] مجموع الفتاوى ١٠/٢٢٦. وقال في موضع آخر: [إن الشرع لم يتسحب من الذكر إلا ما كان كلاماً تاماً مفيداً مثل " لا إله إلا الله " ومثل " الله أكبر " ومثل " سبحان الله والحمد لله " ومثل " لا حول ولا قوة إلا بالله " ومثل " تبارك اسم ربك "، " تبارك الذي بيده الملك "، " سبح لله ما في السموات والأرض "، " تبارك الذي نزل الفرقان " فأما الاسم المفرد مظهراً مثل " الله، الله " أو مضمراً مثل " هو، هو " فهذا ليس بمشروع في كتاب ولا سنة ولا هو مأثور أيضاً عن أحد من سلف الأمة ولا عن أعيان الأمة المقتدى بهم وإنما لهج به قوم من ضلال المتأخرين ...] مجموع الفتاوى ١٠/٥٥٦.

وما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هو الحق الذي تؤيده الألدلة الشرعية فمن ذلك ما ورد في الحديث عن جابر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له) رواه مالك في الموطأ والطبراني وهو حديث حسن. *****

<<  <  ج: ص:  >  >>