الجواب: إن الأصل أن يدفن كل ميت في قبر لوحده، وينبغي أن يكون القبر عميقاً، يمنع خروج الرائحة ويمنع الحيوانات المفترسة من الوصول إلى جثة الميت، ويجوز دفن أكثر من ميت في قبر واحد عند الضرورة لما ثبت في الحديث عن جابر بن عبد الله قال:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين والثلاثة من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد....) رواه البخاري وغيره. وأما الدفن في الفسقية وهي كبيتٍ معقودٍ بالبناء يوضع فيه الأموات الواحد بجانب الآخر، فقد كره كثير من أهل العلم الدفن فيها، لمخالفتها للسنة، قال الإمام السبكي:" في الإكتفاء بالفساقي نظر، لأنها ليست على هيئة الدفن المعهود شرعاً قال: وقد أطلقوا تحريم إدخال ميت على ميت لما فيه من هتك حرمة الأول وظهور رائحته، فيجب إنكار ذلك، ونقل الخطيب الشربيني عن بعض شرَّاح المنهاج أنه قال: " إنه لا يكفي الدفن فيما يصنع الآن ببلاد مصر والشام وغيرهما من عقد أزج واسع أو مقتصد شبه بيت لمخالفته الخبر وإجماع السلف وحقيقته بيت تحت الأرض فهو كوضعه في غار ونحوه ويسد بابه، ثم قال الشربيني: وهذا ظاهر لأنه ليس بدفن كما أشار إلى ذلك ابن الصلاح والأذرُعي وغيرهما " مغني المحتاج ٢/٣٦ - ٣٧. وقال الشيخ ابن عابدين: " ويكره الدفن في الفساقي.... لمخالفتها السنة، والكراهة من وجوه كثيرة: عدم اللحد ودفن جماعة في قبر واحد بلا ضرورة، واختلاط الرجال بالنساء بلا حاجز، وتجصيصها والبناء عليها.... وخصوصاً إن كان فيها ميت لم يبل " حاشية ابن عابدين ٢/٢٣٣. فإن وجدت ضرورة للدفن في الفساقي كما هو الحال في بعض المدن بسبب ضيق المقابر، فيجب أن يراعى أن لا يفتح على ميت قبل أن تبلى عظامه، ولا بد من وضع حاجز بين كل ميت وآخر، وينبغي أن لا يكون الميت مكشوفاً، فقد أخبرني بعض الناس أنهم يضعون الميت في الفسقية دون أن يغطوه بشيء وهذا مخالف للسنة. وينبغي التذكير بالمحافظة على حرمة الأموات لأن المسلم محترم حياً وميتاً وقد جاء في الحديث أن النبيصلى الله عليه وسلم قال:(إن كسر عظم المؤمن ميتاً مثل كسره حياً) رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان وغيرهم وهو صحيح كما قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل ٣/٣١٤. *****