للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨١ - الطلاق]

يقول السائل: إن رجلاً قد طلق زوجته بعد خلاف حصل بينهما وطردها إلى بيت أهلها ويرفض أن تبقى الزوجة في بيته لقضاء العدة فما حكم ذلك؟

الجواب: شرع الإسلام العدة في حالة الطلاق والوفاة لحكم كثيرة ومن حكمة مشروعية عدة الطلاق الرجعي أن تتاح فرصة للزوج لمراجعة مطلقته خلال مدة العدة وهذه الحكمة تكون أكثر تحققاً فيما لو بقيت الزوجة في بيت الزوج ولم تخرج منه كما جرت العادة في بلادنا أن الزوج إذا طلق زوجته فإنها تخرج من بيت الزوجية وتذهب إلى بيت أهلها وهذا الأمر ليس مشروعاً ولا يجوز للزوج أن يخرج زوجته من بيتها بطردها إلى بيت أبيها قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا النبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) سورة الطلاق الآية ١. قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) أي ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدة ولا يجوز لها الخروج أيضاً لحق الزوج إلا لضرورة ظاهرة فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة. تفسير القرطبي ١٨/ ١٥٤. ثم قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) [أي هذه الأحكام التي بينها أحكام الله على العباد وقد منع التجاوز عنها فمن تجاوز فقد ظلم نفسه وأوردها مورد الهلاك. (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) الأمر الذي يحدثه الله أن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها وقال جميع المفسرين: أراد بالأمر هنا الرغبة في الرجعة] تفسير القرطبي ١٨/١٥٦. وخلاصة الأمر أنه يحرم على الزوج أن يطرد مطلقته الرجعية من بيت الزوجية كما يحرم عليها أن تخرج أيضاً لقضاء العدة في بيت أبيها أو غيره وهذا باتفاق أهل العلم فيما أعلم ويستند العلماء في ذلك على النهي عن إخراجهن المذكور في الآية السابقة والأصل في النهي أنه للتحريم انظر تفسير الجصاص ٥/٣٤٨. لكل ما سبق فلا بد من إعادة النظر في العادة السيئة المنتشرة ي مجتمعنا ألا وهي ترك المرأة المطلقة رجعياً لبيت الزوجية وذهابها إلى بيت أهلها. لأن في فعلها هذا تعقيداً للمشكلة وقد يؤدي إلى إنهاء الحياة الزوجية.

<<  <  ج: ص:  >  >>