يقول السائل: ما هو المباح في نظر الخاطب إلى مخطوبته؟ نظر الخاطب إلى مخطوبته
الجواب: نظر الخاطب إلى مخطوبته جائز ومشروع وثبت ذلك في أحاديث كثيرة منها: ١. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امراة من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قال: لا، قال: فاذهب فانظر إليها فإن في اعين الأنصار شيئاً. رواه مسلم. ٢. وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) . ٣. وعن جابر قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل) رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ووافقهما الألباني. ٤. وعن محمد بن مسلمة رضي الله عنه قال سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها) رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححاه. وغير ذلك من الأحاديث التي تبيح نظر الخاطب للمخطوبة. وقد اختلف أهل العلم في المقدار الذي يجوز رؤيته من المخطوبة فأكثر الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية وإحدى الروايات عن أحمد أنه يجوز النظر إلى الوجه والكفين فقط. ونقل عن الإمام أحمد رواية أخرى أنه يجوز النظر إلى ما يظهر غالباً كالرقبة واليدين والقدمين. والقول الأول هو الصحيح الذي تؤيده الأدلة لأن النظر في الأصل محرم عدا نظر الفجأة وإنما أبيح النظر للحاجة والحاجة تندفع بالنظر إلى الوجه والكفين فيبقى ما عدا ذلك على التحريم كما ذكره ابن قدامة في المغني ٧/٩٧ ويدل على ذلك قوله تعالى:(ولا يبدين زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) سورة النور الآية ٣١. وقد ورد عن ابن عباس أن المراد بما ظهر منها الوجه والكفان. وقد رجح جماعة من العلماء المعاصرين قول الحنابة الثاني وهو جواز النظر لما يظهر غالباً من المرأة عند الخدمة وأجاز بعضهم أن يراها حاسرة وقد احتجوا بأدلة منها: ما ورد في حديث جابر السابق: (فقدر أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل) . ومما ورد عن جابر أنه قال:(فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها) . رواه أبو داود وقال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. والذي يظهر لي أن هذه الرواية ليس فيها إثبات أنه كان ينظر منها إلى أكثر من الوجه والكفين لأن المرأة المسلمة إذا خرجت من بيتها لا يظهر منها سوى الوجه والكفان وجابر كان يختبئ لها تحت النخل أي خارج بيتها. وكذلك احتجوا بما ورد عن سهل بن أبي حثمة قال: رأيت محمد بن مسلمة يطارد امرأة ببصره فقلت تنظر إليها وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا ألقى الله في فلب امرئ) الحديث وقد سبق ذكره. قلت وما فعله محمد بن مسلمة لا يعدو أنه نظر إلى وجهها وكفيها وإنما دقق فيها النظر وطارد المرأة ببصره حتى أنكر عليه ذلك سهل بن أبي حثمة. ولا دلالة فيه على أنه نظر إلى أزيد من من الوجه والكفين. واحتجوا أيضاً بما ورد عن عمر رضي الله عنه (أنه خطب ابنة علي رضي الله عنه فذكر منها صغرا ... فقال: نرسل بها إليك تنظر إليها فكشف عن ساقيها فقالت: أرسل لولا أنك أمير المؤمنين للطمت عينيك) رواه سعيد بن منصور في سننه وعبد الرزاق في المصنف. وهذه الرواية عن عمر مرسلة والمرسل من قسم الضعيف عند أهل الحديث ففي ثبوتها نظر ولا يصح الاحتجاج بها. *****