يقول السائل: ما حكم المواد الغذائية والمشروبات المصنعة التي تدخلها مواد مضافة غير معلومة المصدر، ويقال إنه ينتج عن استعمالها أضرار صحية فما الحكم في ذلك، أفيدونا؟
الجواب: من أهم المشكلات المعاصرة التي يواجهها الناس في الطعام والشراب والدواء هي المواد المضافة، وعرفتها موسوعة ويكبيديا بأنها: أي مادة تضاف إلى الغذاء وتعمل على تغيير أيٍ من صفاته، أو هي جميع المواد التي ليست من المكونات الطبيعية للأغذية وتضاف إليها قصداً في أي مرحلة من إنتاجها إلى استهلاكها، وتضاف بغرض تحسين الحفظ أو الصفات الحسية أو الطبيعية أو الحد من تعريض المستهلك للتسمم وغيره من الأضرار الصحية نتيجة الحفظ غير الجيد للغذاء ... إلخ فهي مواد تضاف إلى الأطعمة لكي تحافظ على نكهتها، أو لتحسن مذاقها أو مظهرها] ويندرج تحت المواد المضافة العديد من الأنواع على سبيل المثال: المواد الحافظة: وهي أي مواد تضاف لتثبيط أو ايقاف تحلل الأغذية بواسطة الكائنات الحية الدقيقة وبالتالي تؤدي إلى إطالة الفترة التخزينية للغذاء ومن أمثلتها بنزوات الصوديوم وحمض السورييك. والمواد المثبتة: وتسمى أحياناً بالمواد الرابطة وتستعمل لربط الماء وزيادة اللزوجة وتكوين الجل كما في حالة الجلي. والمواد الملونة وتنقسم هذه المواد إلى قسمين: المواد الملونة الطبيعية والمواد الملونة الصناعية، أما الطبيعية فهي عبارة عن مواد يتم استخلاصها من مصادر نباتية أو حيوانية أو معدنية أو أية مصادر أخرى. أما المواد الملونة الصناعية فهي مواد يتم إنتاجها صناعياً أو بأية وسيلة تركيبية وتعطي لوناً مميزاً عند إضافتها إلى المواد الغذائية. ومضادات الأكسدة وهي مواد تستخدم لحماية المنتجات الغذائية من الفساد الناتج عن الأكسدة، وذلك لمنع أو تأخير علامات التزنخ وهو تطور الرائحة الكريهة في المنتجات الغذائية المحتوية على نسبة عالية من الدهون والزيوت. عن الإنترنت. وهناك عدد من الاشتراطات الصحية لا بد من توفرها في المواد المضافة في الطعام والشراب والدواء ومنها: ١- لابد من تحديد الغرض الذي تضاف بسببه، ولابد من التأكد من صلاحيتها لهذا الغرض. ٢- يلزم المصنع ألا يضيف أي مادة بهدف خداع المستهلك، أو تغطية عيب في المنتج التجاري، كأن تضاف مادة نكهة لتخفي فساد المنتج. ٣- يجب ألا تقلل من القيمة الغذائية لمادة الغذائية التي أضيفت إليها. ٤- لابد أن يثبت أنها غير مضرة بالصحة، وأن تكون مصرحاً بها للاستخدام من المنظمات العالمية. ٥- يجب أن تتوفر طرائق لتحليلها ومعرفة كميتها في الأغذية التي أضيفت لها. وقد قررت جهات علمية وصحية تهتم بالطعام والشراب والدواء أنه قد ينتج عن استعمال المواد المضافة في الطعام والشراب والدواء أضرار صحية على المدى القريب والبعيد، يقول أحد الباحثين في التصنيع الغذائي [إن هذه المواد المضافة العديدة يمكن أن تمثل خطراً حقيقياً أو يمكن أن تحدث تغييرات خطيرة في الغذاء. إن التغييرات السلبية التي قد تحدثها المضافات للغذاء يمكن أن تأخذ إحدى صورتين: تخفيض أو تعديل مكونات غذائية مهمة، وفي هذه الحالة قد تتحطم العناصر الغذائية كلياً أو جزئياً أو تعدل كيميائياً بحيث تقل الفعالية الحيوية لها، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقد في القيمة الغذائية للغذاء. تحول المكونات بطريقة قد تسبب ضرراً واضحا ... وقد أصبح معروفاً أن بعض المواد المضافة مسؤولة عن إصابة الإنسان بالسرطان مثل الهيدروكربونات عديدة الحلقات مثل ٢، ٣ بنزوبيرين وبعض صبغات الأنلين، والأفلاتوكسينات ... كما قد يؤدي استعمال المواد المضافة إلى تكوين مواد سامة في الغذاء ومن الأمثلة على ذلك تكون سلفوكسيمين المثيونين في الطحين نتيجة لمعاملته بمادة التبيض المسماة كلوريد النيتروجين الثلاثي، حيث وُجد نتيجة للدراسات على الكلاب أن الطحين المعامل بمادة كلوريد النيتروجين الثلاثي يؤدي إلى تشنجات، ويعود ذلك إلى تكون مادة سلفوكسيمين المثيونين..] بحث الإضافات الغذائية استخدامها وأثرها على الإنسان للدكتور إبراهيم عفانة. وهنالك سلبيات أخرى للمواد المضافة، ويمكن إيجازها فيما يلي: ١- تعمل على تغطية بعض العيوب الموجودة في الغذاء. ٢- تعمل على تحسين الصفات الظاهرية أحياناً على حساب القيمة الغذائية. ٣- تؤدي إلى التساهل في مراعاة الاشتراطات الصحية اعتماداً على إضافة مواد للغذاء. ٤- يؤدي التحسين من صفات الغذاء الحسية إلى زيادة الإقبال عليه وتناول كميات أكبر منه، ما يزيد الكمية المتناولة من المادة المضافة وفي ذلك خطورة على الأطفال خاصة، إذ يزيد إقبالهم على المواد الغذائية الملونة بألوان اصطناعية، أو التي تحتوي نكهات اصطناعية فتزيد من فرص ظهور أضرار تلك المواد عليهم. ٥- بعض المواد المضافة لها أثر سام على المدى الطويل. ٦- لا يكتفي بعض المصنعين بإضافة الحدود المسموح بها من تلك المواد وفي هذا ضرر بالمستهلك.] عن الإنترنت. إذا تقرر هذا فإن كثيراً من المصانع المنتجة للأطعمة والأشربة المصنعة لا تفصح دائماً عن حقيقة المواد المضافة في منتجاتها، فمثلاً يذكرون الدهن الحيواني ولا يذكرون أنه من دهون الخنزير أو من الأبقار مثلاً، ويذكرون الجيلاتين ولا يبينون هل هو جيلاتين نباتي أو حيواني؟ ويضاف إلى ذلك مسألة استعمال الرموز للمواد المضافة (يستعملون الحرف الإنجليزي (E ويتبعونه برقم مثلاً E١٠٥) وعدد هذه المواد كبير جداً مما يجعل معرفة حقيقة هذه المواد المضافة أمراً صعباً للغاية. وتم تقسيم المواد المضافة إلى أربعة أقسام رئيسية هي: المواد الملونة: وقد رمز لها بالحرف (E) تتبعه الأرقام من ١٠٠ إلى ١٩٩. المواد الحافظة: وقد رمز لها بالحرف (E) تتبعه الأرقام من ٢٠٠ إلى ٢٩٩. مضادات الأكسدة: وقد رمز لها بالحرف (E) تتبعه الأرقام من ٣٠٠ إلى ٣٩٩. المواد المستحلبة والمثبتة: وقد رمز لها بالحرف (E) تتبعه الأرقام من ٤٠٠ إلى ٤٩٩. وكثير من هذه المواد المضافة صدرت تحذيرات من جهات علمية وصحية بأن لها أضراراً على صحة الإنسان، وهي موجودة في كثير من المنتجات الغذائية وفي المشروبات المختلفة الموجودة في الأسواق. وبناءً على كل ما سبق ونظراً لجهالة حقيقة المواد المضافة ومدى أضرارها، ونظراً لضعف الثقة بالمنتجين، حيث يغلب عليهم الجشع والطمع، وأكثر المنتجين للأغذية المصنعة والمشروبات هم من غير المسلمين، الذين لا يعرفون حراماً ولا حلالاً، فإني أدعو إلى الحذر الشديد من المنتجات المصنعة بشكل عام، وأدعو إلى العودة إلى الأشياء الطبيعية في مجال الطعام والشراب، وأقول إنه من الصعوبة بمكان إصدار حكم دقيق يشمل المواد المضافة في الطعام والشراب والدواء، لأن ذلك لا بد أن يكون عن معرفة حقيقية بمكونات كل نوع من الأطعمة والأشربة والأدوية، وعددها قد يصل إلى مئات الألوف، وهذا أمر عسر جداً، وقد استعرضت بعض الفتاوى الصادرة عن عدد من المفتين والهيئات العلمية فوجدتها تتكلم بشكل عام وتضع قيوداً يصعب التحقق من وجودها بسبب ما أشرت إليه قبل قليل، جاء في فتاوى الشبكة الإسلامية: [المواد التي تضاف إلى الأغذية (مطعومة أو مشروبة) بغرض حفظها أو تلوينها، منها ما هو طبيعي كالملح والزيت ونحو ذلك، ومنها ما هو صناعي يدخل فيه كثير من المركبات العضوية وغير العضوية. وفائدة هذا هو: منع أو تأخير أو إيقاف تكاثر الجراثيم الملوثة للغذاء، أو تثبيت لونه بحيث يكون عامل جذب للمستهلك. وقد تظهر السلعة بصورة طازجة وليست كذلك، لما للون المستخدم من أثر فعال في ذلك، ويرمز لكل من المواد الحافظة والملونة بالرمز (E) مع رقم معين يدل على نوع المادة المضافة. وقد تدخل في هذه المواد المضافة أجزاء حيوانية مثل العظم ونحو ذلك، ولا بأس بها إن كانت من حيوان مذكى ذكاة شرعية. وأما ما أخذ من حيوان غير مذكى أو ذكي ذكاة غير شرعية، أو أخذ من آدمي فيحرم تناول الغذاء المشتمل عليه، لأن ما ذكي ذكاة غير شرعية وما لم يذك ميتة لا يجوز أكل شيء منه، ويحرم كذلك أكل شيء من آدمي، أو حيوان لا تبيحه الذكاة كالخنزير، أجمع على ذلك أهل العلم. ومكمن الضرر في المواد الحافظة والملونة- بصفة عامة - أن منها مواد تضر بصحة الإنسان، إذ تؤدي إلى حالات سرطان على المدى الطويل. وقد نصت هيئات الرقابة الغذائية على ضرورة عدم استخدام مواد معينة (للحفظ أو التلوين) ثبت ضررها، وحددت كذلك نسبة هذه المواد المسموح باستخدامها، لأنها بزيادتها عن المعدل المطلوب تتحول إلى سموم يتناولها الإنسان. فنخلص من ذلك إلى أنه لا يجوز تناول الأطعمة والأشربة التي تشتمل على مواد حافظة أو ملونه دخل في تركيبها شيء أخذ من آدمي أو حيوان غير مذكى، وإذا كان يتعذر معرفة ذلك فإنه يجتنب ما اشتمل على مادة حافظة أخذت من حيوان، إلا ما غلب على الظن أنه أخذ من حيوان مذكى ذكاة شرعية. وكذلك لا يجوز تناول الأغذية المشتملة على مواد حافظة أو ملونة ثبت ضررها، لقوله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم} سورة النساءالآية٢٩، وقوله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرر) رواه مالك. ويحرم على الصناع استخدام المواد المحرمة أو المضرة بالصحة في الأغذية، وعلى المستهلك توخي الحذر وأخذ الحيطة عند شرائه أغذية تحتوي على مواد حافظة، ولو أمكن تجنب هذه الأغذية قدر المستطاع فهو أولى] وأقول هنالك صعوبة واضحة في التحقق مما ذكرته الفتوى.
وخلاصة الأمر أنه لا شك في الأضرار التي تنتج عن المواد المضافة للأغذية والأشربة المصنعة، وأنه يصعب إصدار حكم شرعي عام في حقيقة هذه المواد، والذي ننصح به هو تجنبها بقدر الاستطاعة، وعلى أصحاب مصانع الأغذية والمشروبات والأدوية والتجار المستوردين لها في بلادنا أن يراعوا الحلال والحرام في منتجاتهم وأن يتقوا الله في ذلك، وأن يعلموا أنهم مسؤولون أمام الله عز وجل الذي لا تخفى عليه خافية، وأن يجنبوا الناس تناول المحرمات، وما فيه أضرار، وأن يبعدوهم عن الشبهات.