يقول السائل: ما حكم وليمة العرس وما وقتها وهل تكون قبل الدخول أم بعده؟ الجواب: إن وليمة العرس سنة مؤكدة على قول جماهير الفقهاء وقد ورد فيها عدد من الأحاديث منها: ١. عن أنس رضي الله عنه قال: لما قدموا المدينة نزل المهاجرون على الأنصار فنزل عبد الرحمن بن عوف على سعد بن الربيع فقال: أقاسمك مالي وأنزل لك عن إحدى امرأتي، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك فخرج إلى السوق فباع واشترى فأصاب شيئاً من إقط وسمن فتزوج فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة) رواه البخاري ومسلم. ٢. وعن بريدة بن الحصيب قال: لما خطب علي فاطمة رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه لا بد للعروس من وليمة) رواه أحمد وهو حديث حسن. ٣. وعن أنس رضي الله عنه قال:(ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب فإنه أولم بشاة قال أنس: أطعمهم خبزاً ولحماً حتى تركوه) رواه البخاري ومسلم. ٤. وعن أنس أيضاً في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من صفية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل وليمتها التمر والسمن والأقط) رواه مسلم. وفي رواية أخرى:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بين خيبر والمدينة ثلاث ليالٍ يبني بصفية فدعوت المسلمين إلى وليمته ما كان فيها من خبز ولا لحم وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت فألقى عليها التمر والأقط والسمن) رواه البخاري ومسلم. والأنطاع بسط من الجلد وغير ذلك من الأحاديث التي تدل على مشروعية وليمة العرس والأحاديث التي ورد فيها الأمر بالوليمة محمولة على الاستحباب ومصروفة عن الوجوب وهو قول أكثر الفقهاء. ولا يشترط في الوليمة أن تكون على لحم فقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أولم بغير اللحم كما سبق قبل قليل. وإذا أولم بلحم فيجوز بشاة وبأكثر من شاة إذا كان موسراً. وأما وقت الوليمة الزفاف والعرس فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أولم بعد الدخول والأمر فيه سعة فلو كانت الوليمة قبل الدخول فلا بأس به. قال الحافظ ابن حجر:[وقد اختلف السلف في وقتها هل هو عند العقد أو عقبه أو عند الدخول أو عقبه أو موسع مع ابتداء العقد وانتهاء الدخول؟ على أقوال] ثم ذكر أقوال العلماء في ذلك والذي يظهر لي أن الأمر فيه سعة كما قلت فإن أولم يوم الزفاف قبل الدخول كما هي العادة عند كثير من الناس فحسن وإن أولم بعد الدخول فهو أحسن اقتداءً بلرسول صلى الله عليه وسلم. وينبغي أن يُعلم أن أكثر الفقهاء يرون وجوب إجابة الدعوة لوليمة العرس ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها) رواه البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب) رواه مسلم. وقوله عليه الصلاة والسلام أيضاً:(شر الطعام طعام الوليمة يدعى له الأغنياء ويترك الفقراء ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله) رواه البخاري. وإجابة الدعوة مقيدة فيما إذا لم يكن هناك عذر للمدعو لتركها فإذا ترك إجابة الدعوة لعذر فلا بأس في ذلك. وكذلك يشترط لإجابة الدعوة ألا يكون هناك منكر من المنكرات فإن كان هنالك منكر واستطاع إزالته وتغييره فحضر فهو أمر حسن وإن لم يستطع تغيير المنكر فعليه ألا يحضر. فمثلاً إذا دعي إلى وليمة عرس مختلطة والنساء متبرجات وفيها خمر وهنالك فرقة موسيقية وغير ذلك من المنكرات فيحرم في حقه الحضور لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها بالخمر) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. قال الإمام الأوزاعي رحمه الله:[لا ندخل وليمة فيها طبل ولا معزاف] وسنده صحيح كما قال الشيخ الألباني. وقال ابن قدامة رحمه الله:[إذا دعي إلى وليمة فيها معصية كالخمر والزمر والعود ونحوه وأمكنه الانكار وإزالة المنكر لزمه الحضور والإنكار وإن لم يقدر على الإنكار لم يحضر. وإن لم يعلم بالمنكر حتى حضر أزاله فإن لم يقد انصرف ... ] المغني ٧/٢٧٩. وأخيراً يستحب لمن حضر وليمة العرس أن يدعو بخير لصاحبها فقد ورد في ذلك أحاديث منها: عن عبد الله بن بسر أن أباه صنع للنبي عليه الصلاة والسلام طعاماً فدعاه فأجابه فلما فرغ من طعامه قال: [اللهم اغفر لهم وارحمهم وبارك لهم فيه رزقتهم) رواه مسلم وغيره. ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعد الفراغ من الدعوة بهذا الدعاء:(أكل طعامكم الأبرار وصلّت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون) رواه أحمد والبيهقي بسند صحيح. وورد أنه عليه الصلاة والسلام كان يدعو للزوجين بقوله:(اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما) رواه الطبراني بسند صحيح. وفي رواية أخرى كان يدعو بهذا الدعاء:(بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير) رواه ابو داود والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. *****