يقول السائل: إنه سافر إلى الأردن في طريقه لأداء فريضة الحج ولكنه أعيد عن الجسر ومنع من السفر فأفتاه أحدهم بأنه يجب عليه أن يذبح شاة لأنه محصر فما قولكم في ذلك؟ الجواب: يقول الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) سورة البقرة الآية ١٩٦. وهذه الآية الكريمة أصل في بيان حكم المحصر ولكن لا بد أولاً من بيان معنى الإحصار عند العلماء فقد قال فقهاء الحنفية:[الإحصار هو المنع من الوقوف بعرفة والطواف جميعاً بعد الإحرام بالحج الفرض والنقل وفي العمرة عن الطواف] طلبة الطلبة ص ١١٨. وبمثل هذا التعريف قال بقية فقهاء المذاهب وكل الفقهاء فيما أعلم متفقون على أن الحاج لا يكون محصراً إلا إذا تلبس بالإحرام أي أنه لا إحصار قبل الإحرام. انظر الموسوعة الفقهية ٢/١٩٩. فإذا أحرم الحاج ثم عرض له عدو منعه من إتمام النسك فإنه يتحلل من إحرامه وعليه ذبح قال الله تعالى:(فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) والمقصود به عند جمهور أهل العلم ذبح شاة. تفسير القرطبي ٢/٣٧٨. وثبت في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(قد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عاماً قابلاً) رواه البخاري. وبناء على ما تقدم فإن هذا الشخص الذي منع من السفر وأعيد عن الجسر لا يعتبر محصراً حيث إنه لم يحرم فلا شيء عليه ومن أفتاه بأن عليه شاة فقد أفتاه بغير علم وجاء بشيء منكر لم يقل به أحد من أهل العلم وإنها لجرأة كبيرة على العلم الشرعي أن يفتى بدون علم ولا فقه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال تعالى:(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وقال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) .