أخي: كم عدو حط ّمنك بالذم فرقاك، كم أعطش من شراب الأمانيّّ خلقاً وسقاك، كم أمات بعض من لم يبلغ رمضان وأبقاك.
لقد أعطاك أيتها النفس ما لم تأملي، وبلّغك ما لم تطلبي، وستر عليك من القبيح ما لو فاح لضجّت المشام.
كيف لا تحب من أنت به، وبقاؤك منه، ورجوعك إليه.
قال سليمان التيمي: إن الله سبحانه أنعم على عبده على قدره، وكلّفهم بالشكر على قدرهم.
قالت امرأة لابن أبي الحواري: أنا في بيتي قد شُغل قلبي، قلت: وما هو؟
قالت: أريد أن أعرف نعم الله عليّ في طرفة عين، أو أعرف تقصيري عن شكر النعمة عليّ في طرفة عين. قلت: تريدين ما لا تهتدي إليه عقولنا. وتنسّك رجل فقال: لا آكل الخبيص لا أقوم بشكره، فقال الحسن: هذا أحمق؟! وهل يقوم بشكر الماء البارد!!
* ومن دقيق نعم الله على العبد التي لا يكاد يفطن لها: أن يغلق عليه بابه فيرسل الله إليه من يطرق عليه الباب فيسأله شيئاً من القوت ليعرف نعمته عليه.
* وقال الثوري: ما أنعم الله على عبد في حاجة أكثر من تضرعه إليه فيها.
وقال أبو حازم: نعم الله فيما زوي عني من الدنيا أعظم من نعمته فيما أعطانى منها.
قال بكر بن عبد الله: ما قال عبد قط الحمد لله إلا وجبت عليه نعمة بقوله الحمد لله، فجزاء تلك النعمة أن يقول الحمد لله، فجاءت نعمة أخرى فلا تنفد".
فسبحان "المنعم فما قام مخلوق بحقه، الموالي بفضله على جميع خلقه بشرائف المنائح على طول الزمان، أنشأ المخلوقات بحكمته وصنعها، وفرّق الأشياء بقدرته وجمعها، ودحا الأرض على الماء وأوسعها (والسماء رفعها ووضع الميزان) .