مصليا، ولا تعرضوا لمسلم قصده وجاور فيه إلى أن ينصرف عنكم، وعليكم كنْسه وإسراجه وتكرمته.
- وعليكم في كل سنة ثلاثمائة وستون رأساً تدفعونها إلى إمام المسلمين من أوسط رقيق بلادكم.
علينا بذلك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولنا عليكم بذلك أعظم ما تدينون به ... الله الشاهد بيننا وبينكم. وكتب عمر بن شرحبيل في رمضان سنة إحدى وثلاثين هجرية.
هذا هو عقد الصلح الذي تم بين المسلمين وبين النوبة، وإذا نحن تمعنَّا في بنوده وجدناها عوامل مهمة لنشر الإسلام في تلك البلاد.
ولربما كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح قد أدرك صعوبة فتح تلك المناطق لوعورة تضاريسها ولشدة أهلها في القتال، فأراد أن يوفر بهذه المعاهدة مناخاً مناسباً لانتشار الإسلام بصورة سلمية.
ولقد حصل هذا فعلاً فظلت المعاهدة أساسا للعلاقات بين المسلمين وبين النوبة حتى انتشر الإسلام فيها، وأصبحت بذلك جزءاً من العالم الإسلامي.
ولنعد إلى بنود المعاهدة لنرى أثرَها في ذلك.
كان من أول الشروط التي اشترطها عبد الله -رضى الله عنه- حفظ من دخل النوبة من المسلمين وهو بهذا يضمن سلامة الدعاة المسلمين، وكذلك التجار، فيدخلون إلى تلك المناطق، ويقومون بدعوة أهلها إلى الإسلام دون عوائق.
حيث إنهم تحت حماية الدولة الإسلامية، ولو كانوا خارج حدودها في بلاد النوبة.
واستفاد الدعاة من هذا الشرط، وتوغّلوا في تلك البلاد حتى وصلوا الحبشة وأواسط السودان الحالية، واستطاعوا تحويل أهلها إلى الإسلام.
ومن الشروط كذلك: حفظ المسجد الذي بني خارج عاصمة النوبة "دنقلة" بل واشترط عليهم كنسه وإسراجه وتكرمته وعدم منع المسلمين من الصلاة أو الإقامة فيه.