من العلماء وأول من علمناه استدل بذلك عطاء بن أبي رباح، وروي عن أبي هريرة أنه استدل به لكن من وجه لا يثبت وفي المسألة خلاف مشهور بين العلماء وإنما كرهه من كرهه في آخر نهار الصوم لأنه وقت خلو المعدة وتصاعد الأبخرة. وهل يدخل وقت الكراهة بصلاة العصر؟ أو بزوال الشمس؟ أو بفعل صلاة الظهر في أول وقتها؟ على ثلاثة أقوال: والثالث هو المنصوص عند أحمد.
وفي طيب ريح خلوف الصائم عند الله عز وجل معنيان:
أحدهما: أن الصيام لماّ كان سراً بين العبد وبين ربه في الدنيا أظهره الله في الآخرة علانية للخلق ليشتهر بذلك أهل الصيام ويُعرفون بصيامهم بين الناس جزاءً لإخفائهم صيامهم في الدنيا.
قال مكحول: يُروّح على أهل الجنة برائحة فيقولون: ربنا ما وجدنا ريحاً منذ دخلنا الجنة أطيب من هذا الريح فيقال: هذه رائحة أفواه الصوام.
وقد تفح رائحة الصيام في الدنيا وتستنشق قبل الآخرة.
وهو نوعان:
أحدهما: ما يُدرك بالحواس الظاهرة، كان عبد الله بن غالب -الحداني- من العباد المجتهدين في الصلاة والصيام فلما دُفِن كان يفوح من تراب قبره رائحة المسك فرؤي في المنام فسُئل عن تلك الرائحة التي توجد من قبره فقال: تلك رائحة التلاوة والظمأ.
والنوع الثانيْ: ما تستنشقه الأرواح والقلوب فيوجب ذلك للصائمين المخلصين المودة والمحبة في قلوب المؤمنين.
لماّ كان أمر المخلصين بصيامهم لمولاهم سرّاً بينه وبينهم أظهر الله سرّهم لعباده فصار علانية فصار هذا التجلي والإظهار جزاء لذلك الصون والإسرار، في الحديث "ما أسرّ أحد سريرة إلَّا ألبسه الله رداءها علانية".
قال يوسف بن أسباط: أوحى الله إلى نبي من الأنبياء قل لقومك يخفون لي أعمالهم وعلي إظهارها لهم.