والمطيقين عنت ومشقة وعسر، لم يشرعه الله، فليس هناك تعارض بين تقرير خيرية الصيام لهؤلاء وقوله سبحانه (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) فما قال أحد بأن العسر هو الصيام بل يكون الخلاف دائمًا بين علماء المسلمين في الخيار والأفضلية بين ما هو الأيسر أو الأفضل، الصيام أم الفطر؟ فمن قائل: الفطر، ومن قائل: الصيام، ومن قائل: بأنه أيسرهما على المرء، لقوله تعالى:(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)
إذن فقد يكون الصيام هو الأيسر لبعض هؤلاء من الفطر.
لقد ذكر علماء المسلمين أن من الأمراض ما ينقصه الصوم أو يكون علاجًا له أو مساعدًا على زواله، لذلك قرر أكثر الفقهاء أن رخصة الإفطار في المرض ليست على الإطلاق، فقالوا: إن المرض المبيح للفطر هو الذي يؤدي إلى ضرر في النفس، أو زيادة في العلة، وكلام ابن الجوزي كان أكثر تحديدًا، إذ قال: "وليس المرض والسفر على الإطلاق، فإن المريض إذا لم يضر به الصوم لم يجز له الإفطار، وإنما الرحمة موقوفة على زيادة المرض بالصوم.
إن قضية الضرر والمشقة التي يمكن أن يعاني منها المريض، أو المسافر، أو كبير السن، ومن في حكمه، نتيجة للصيام - قضية نسبية، تختلف من فرد لآخر، ومن بيئة لأخرى، وتتأثر بالحالة النفسية والمزاجية للأشخاص، والعرف الاجتماعي العام، وظنون الأطباء، والعاملين في الحقل الصحي.
ونستطيع أن نقول: إنه ليس هناك ما يثبت أن للصيام الإسلامي ضررًا محققًا على معظم الأمراض، أو على وظائف الأعضاء في الشيخوخة، أو أثناء الحمل، أو الرضاعة، أو أثناء السفر، حتى يظل الصيام خير لمعظم المرضى، والمسافرين والمطيقين للصيام، محققًا لهم من الفوائد والمنافع الشيء الكثير الذي لا يعلمونه.
ولو قرض وتحقق الضرر في بعض الحالات، أو بعض الظروف، فيكون هذا هو العسر الذي يعود فيه التشريع تلقائيًا إلى اليسر، والذي هو هنا وجوب الفطر لا الرخصة.
ولقد عرف الحرالي اليسر بأنه: عمل لا يجهد النفس ولا يثقل الجسم