كلها صيامًا إسلاميًا، يتناول فيه وجبتي السحور والفطور، من غير ضرر يهدد حياته، ولكن رحمة الله بالإنسان أبت إلا تخفيف ذلك عليه بإلزامه شهرًا واحداً في السنة، وتركته حرًا مختارًا فيما بعد ذلك، في السنن والنوافل التي أمر بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو حافظ عليها، كصيام ثلاثة أيام من كل شهر، أو الاثنين والخميس من كل أسبوع، وكصيام ستة أيام من شوال، ويوم عاشوراء، وعرفة، ومنع الإنسان من قهر نفسه وتعذيبها بإلزامها صوم السنة كلها، وقد اعترض النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أحد الصحابة الذي ألزم نفسه بصيام السنة كلها، حتى نحل جسمه وتغيرت ملامحه، فقال له: لم "عذبت نفسك"! وأمره بالاعتدال فأي تخفيف أيسر من هذا التخفيف! وصدق الله العظيم القائل: (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)[النساء: ٢٨] ، وأي يسر أعظم من هذا اليسر! قال تعالى:(يريد الله بكم اليسر ولا وريد بكم العسر)
وهكذا يتجلى الإعجاز العلمي في الصيام الإسلامي بظهور الحقائق العلمية في هذا الزمان والتي ما كان في مقدور بشر منذ أربعة عشر قرنًا أن يخبر عنها وأن يجزم بها، هذا وقد نشأ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بيئة لا تعرف هذا الصيام ولا تمارسه.
وبعد أن استبانت الحقائق عن الجسم البشري والتمثيل الغذائي فيه، وأخطار كثرة الأكل، نادى العلماء بالاعتدال في الطعام، والشراب، وضرورة الصيام للإنسان وقاية وعلاجًا، وتحقيقًا لمنافع وفوائد شتى، لخصها الدكتور (آلان كوت)(١) في الفصل الأول من كتابه "الصوم الطبي" إجابة عن سؤال، لماذا نصوم؟ قال: لتخفيف الوزن بأسرع وأسهل طريقة، ولنعطي أجهزة الجسم فترة راحة مناسبة، ولتنظيف أجسامنا وتطهيرها بخراج الخبث والسموم منها، ولنترك لأجسامنا فرصة كي ترمم نفسها بنفسها، ولنعالج به عددًا من الأمراض الشائعة، ولنتخلص به من التوتر النفسي، ولنصقل به الحواس ونوقظ المواهب، ولنكتسب به القدرة على ضبط النفس والسمو الروحي، فتتحسن بذلك أجسامنا وعقولنا، وتتباطء عملية السير نحو الشيخوخة، ثم سرد في فصول كتابه