في انفراد الرجل في الوقوف، والذبح، من مخالفة الجماعة ما في إظهاره للفطر.
وأما صوم يوم التاسع في حق من رأى الهلال، أو أخبره ثقتان أنهما رأيا الهلال، وهو العاشر بحسب ذلك، ولم يثبت ذلك عند العامة، وهو العاشر بحسب الرؤية الخفية، فهذا يخرج على ما تقدم.
فمن أمره بالصوم يوم الثلاثين الذي هو بحسب الرؤية الخفية من شوال ولم يأمره بالفطر سرًّا، سوّغ له صوم هذا اليوم، واستحبه لأن هذا هو يوم عرفة، كما أن ذلك من رمضان، وهذا هو الصحيح الذي دَلَّت عليه السنَّة والاعتبار.
ومن أمره بالفِطْر سرًّا لرؤيته، نهاه عن صوم هذا اليوم عند هذا القائل كهلال شوال الذي انفرد برؤيته.
فإن قيل: قد يكون الإمام الذي فوض إليه إثبات الهلال مقصرا، لرده شهادة العدول، إما لتقصيره في البحث عن عدالتهم، وإما رد شهادتهم لعداوة بينه وبينهم، أو غير ذلك من الأسباب، التي ليست بشرعية، أو لاعتماده على قول المنجم الذي زعم أنه لا يرى.
قيل: ما يثبت من الحكم لا يختلف الحال فيه بين الذي يؤتم به في رؤية الهلال، مجتهدا مُصِيبا كان أو مخطئا، أو مُفرطا، فإنه إذا لم يظهر الهلال ويشتهر بحيث يتحرى الناس فيه.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في الأئمة:"يُصَلون لَكُم فإن أَصَابُوا فَلَكُم وَلَهُم، وِإن أَخْطَأُوا فَلَكُم وَعَلَيهِم".
فخطؤه وتفريطه عليه، لا على المسلمين الذين لم يفرطوا، ولم يخطئوا. ولا ريب أنه ثبت بالسنة الصحيحة واتفاق الصحابة أَنَّه لا يجوز الاعتماد على حساب النجوم، كما ثبت عنه في "الصحيحين" أنَّه قال: "إِنا أُمة أُمية لا نَكْتُب، وَلاَ نَحْسِب، صُومُوا لِرُؤْيتهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتهِ".
والمعتمد على الحساب في الهلال -كما أنه ضال في الشريعة-، مبتدع في الدين، فهو مخطيء في العقل، وعِلم الحساب، فإِن العلماء بالهيئة يعرفون أن الرُّؤية لا تَنْضَبط بأمر حسابي، وإنما غاية الحساب منهم إذا عدل أن يعرف كم بين الهلال والشَّمس من