[*] وأخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن أبي سريع الشامي، قال: قال عمر بن عبد العزيز لرجل من جلسائه: أبا فلان لقد أرقت الليلة تفكراً، قال: فيم يا أمير المؤمنين؟ قال: في القبر وساكنه، إنك لو رأيت الميت بعد ثالثة في قبره لاستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك بناحيته، ولرأيت بيتاً تجول فيه الهوام، ويجرى فيه الصديد، وتخترقه الديدان. مع تغير الريح، وبلى الأكفان بعد حسن الهيئة وطيب الريح، ونقاء الثوب، ثم شهق شهقة وخر مغشياً عليه. فقالت فاطمة: يا مزاحم ويحك، أخرج هذا الرجل عنا فلقد نغص على أمير المؤمنين الحياة منذ ولى، فليته لم يل، قال: فخرج الرجل فجاءت فاطمة تصب على وجهه الماء وتبكى حتى أفاق من غشيته فرآها تبكي، فقال: ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا أمير المؤمنين رأيت مصرعك بين أيدينا فذكرت به مصرعك بن يدي الله للموت، وتخليك من الدنيا وفراقك لنا، فذاك الذي أبكاني. فقال: حسبك يا فاطمة فلقد أبلغت. ثم مال ليسقط فضمته إلى نفسها، فقالت: بأبي أنا يا أمير المؤمنين ما نستطيع أن نكلمك بكل ما نجد لك في قلوبنا، فلم يزل على حاله تلك حتى حضرته الصلاة، فصبت على وجهه ماء ثم نادته: الصلاة يا أمير المؤمنين، فأفاق فزعاً.
[*] وأخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن ميمون بن مهران، قال: خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى المقبرة، فلما نظر إلى القبور بكى ثم أقبل علي فقال: يا أبا أيوب هذه قبور آبائي بني أمية كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذتهم وعيشهم. أما تراهم صرعى قد خلت بهم المثلات، واستحكم فيهم البلاء، وأصابت الهوام في أبدانهم مقيلاً. ثم بكى حتى غشى عليه، ثم أفاق فقال: انطلق بنا فوالله ما أعلم أحداً أنعم ممن صار إلى هذه القبور وقد أمن عذاب الله.