للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التدليس تارة يكون في الإسناد، وتارة يكون في الشيخ، فالذي في الإسناد:

أي يروي عمن لقيه شيئاً لم يسمعه منه بصيغة محتملة، ويلتحق به من رآه ولم يجالسه.

ويلتحق به تدليس القطع، وهو أن يحذف الصيغة، ويقتصر علي قوله مثلاً: الزهري عن

وتدليس العطف: وهو يصرح بالتحديث في شيخ له، ويعطف عليه شيخاً آخر له، ولا يكون سمع من ذلك الثاني.

وتدليس التسوية: وهو أن ينصع ذلك لشيخه؛ فإن أطلعه علي أنه دلس حكم به، وإن لم يطلعه طرقه الاحتمال، فيقبل من الثقة ما صرح فيه بالتحديث ويتوقف عما عداه.

وإذا روي عمن عاصره - ولم يثبت لقيه له - شيئاً بصيغة محتملة فهو الإرسال الخفي، ومنهم من ألحقه بالتدليس، والأولي التفرقة لتمييز الأنواع.

ويلتحق بالتدليس ما يقع من بعض المحدثين من التعبير بالتحديث، أو الإخبار عن الإجازة موهماً للسماع، ولا يكون سمع من ذلك الشيخ شيئاً.

وأما تدليس الشيوخ: فهو أن يصف شيخه بما لم يشتهر به من اسم أو لقب أو كنية أو نسبة إيهاماً للتكثير غالباً، وقد يفعل ذلك لضعف شيخه، وهو خيانة ممن تعمده كما إذا وقع ذلك في تدليس الإسناد.

والمدلسون علي خمس مراتب:

الأولي: من لم يوصف بذلك إلا نادراً كيحيي بن سعيد الأنصاري.

الثانية: من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روي، كالثوري، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة.

الثالثة: من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقا، منهم من قبلهم كأبي الزبير المكي.

الرابعة: من اتفق علي أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم علي الضعفاء والمجاهيل، كبقية بن الوليد.

الخامسة: من ضعف بأمر آخر سوي التدليس فحديثهم مردود، ولو صرحوا بالسماع إلا أن يوثق من كان ضعفه يسيرا كابن لَهيعَة.

[وفاة سفيان الثوري:]

قال ابن المدينى: أقام سفيان في اختفاؤه نحو سنة وقال ابن المهدى: مرض سفيان بالبطن فتوضأ تلك الليلة ستين مرة حتى إذا عاين الأمر نزل عن فراشه فوضع خده بالأرض وقال: يا عبد الرحمن ما أشد الموت ولما غمضته وجاء الناس في جوف الليل وعلموا وقيل: اخرج بجنازته على أهل البصرة بغتة فشهده الخلق وصلى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر الكوفى بوصية من سفيان لصلاحه وكان موته في شعبان سنة احدى وستين ومائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>