وكانت أول بداية الشيخ الحقيقية في طلب العلم وهو ابن العشرين سنة، حيث يقول: (ذات يوم لاحظت بين الكتب المعروضة لدى أحد الباعة جزءاً من مجلة المنار، فاطلعت عليه، ووقعت فيه على بحث بقلم السيد رشيد رضا يصف فيه كتاب " الإحياء " للغزالي، ويشير إلى محاسنه ومآخذه، ولأول مرّة أواجه مثل هذا النقد العلمي، فاجتذبني ذلك إلى مطالعة الجزء كله، ثم أمضى لأُتابع موضوع تخريج الحافظ العراقي على " الإحياء " ورأيتُني أسعى لاستئجاره، لأني لا أملك ثمنه، فاستهواني ذلك التخريج الدقيق، وحتى صممت على نسخه "
والأمر الذي يلفت الأنظار إلى اهتمام الشيخ الألباني منذ نعومة أظفاره بالعلم الشرعي هو قيامه بنسخ ذلك الكتاب والمسمى " المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار " بخطه الحسن الدقيق، ورتبه ونسّقه أحسن تنسيق، حيث كان أول عمل حديثي قام به الشيخ رحمه الله، وما يزال في مكتبته إلى الآن، وهو ثلاث مجلدات في أكثر من (٢٠٠٠) صفحة.
ومن هنا أصبح الشيخ يتابع مجلة المنار، ويهتم بما كانت تنشره من بحوث حول السنة وما يتعلق بها، وأعجب بها أيّما إعجاب، وعلى أثر ذلك جذبه علم الحديث، وأحب كتبه، فأقبل على دراسة كل ما يتعلق بالحديث وتحصيله بهمة عالية، فقد حباه الله عز وجل بذهن وقّاد، ونبوغ ظاهر، وعقلية علمية نادرة، وهذا يظهر في قصة الورقة الضائعة ..
شيوخ الألباني رحمه الله تعالى:
(١) والد الشيخ، حيث تعلم على يده اللغة العربية والفقه الحنفي.
(٢) الشيخ سعيد البرهاني، حيث قرأ عليه كتاب "مراقي الفلاح " وبعض الكتب الحديثة في علوم البلاغة.
[طلاب الألباني رحمه الله تعالى:]
لقد قضى الشيخ حياته كلّها في طلب العلم وتعليم الناس، ودعوتهم، لذا كان من الطبيعي أن يكون للشيخ عدد لا بأس به من طلاب العلم، وقد يفوق عددهم المئات، فهم مختلفون في طريقة الأخذ والكيفية، إضافة إلى اختلاف أماكن سكناهم وتواجدهم، فإننا قد نجزم بأنه لا يخلو بلد إسلامي من وجود تلاميذ للشيخ.
أما طريقة تلقي العلم من الشيخ بالنسبة لطلابه كانت تتمثل بالأخذ بعدة طرق كلاً حسب تمكنّه، فمن تلامذته من تلقى العلم منه مباشرة، وقسم تلقاه عن طريق كتبه، والقسم الآخر عن طريق الأشرطة السمعية المنتشرة والمتوفرة بكثرة في المكتبات.