وعن عنترة الشيباني قال: كان علي رضي الله عنه يأخذ في الجزية والخراج من أهل كل صناعة من صناعته وعمل يده، حتى يأخذ من أهل الابر، الإِبر، والمسال، والخيوط، والحبال، ثم يقسمه بين الناس؛ وكان لا يدع في بيت المال مالاً يبيت فيه حتى يقسمه؛ إلا أن يغلبه شغل فيصبح إِليه، وكان يقول: يا دنيا، لا تغريني وغُرِّي غيري، وينشد:
هذا جنايَ وخيارُه فيهْ
وكلُّ جانٍ يَدهُ إلى فيهْ
وأخرج أبو عبيد عن عنترة قال: أتيت علياً رضي الله عنه يوماً فجاءه قنبر، فقال: يا أمير المؤمنين إنَّك رجل لا تليق شيئاً، وإنَّ لأهل بيتك في هذا المال نصيباً، وقد خبأت لك خبيئة، قال: وما هي؟ قال: إنطلق فانظر ما هي، قال: فأدخله بيتاً فيه باسنة مملوءة آنية ذهب وفضة مموَّهة بالذهب، فلما رآها علي قال: ثكلتك أمك لقد أردت أن تدخل بيتي ناراً عظيمة؟ ثم جعل يزنها ويعطي كل عريف بحصته؛ ثم قال:
هذا جني وخيارُه فيهْ
وكلُّ جانٍ يدهُ إلى فيهْ
لا تغريني، وغرِّي غيري. كذا في منتخب الكنز وأخرج أحمد في الزهد ومسدَّد عن مجمِّع نحو ما تقدم عن أبي نعيم في الحلية كما في المنتخب.
وأخرج أبو عبيد عن عنترة قال: دخلت على علي بن أبي طالب بالخَوَرْنَق وعليه قطيفة وهو يُرعد من البرد، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنَّ الله قد جعل لك ولأهل بيتك نصيباً في هذا المال وأنت تُرعد من البرد؟ فقال: إنِّي ـ والله ـ لا أرزأ من مالكم شيئاً، وهذه القطيفة هي التي خرجت من بيتي ـ أو قال من المدينة ـ، كذا في البداية. وأخرجه أيضاً أبو نُعيم في الحلية عن هارون بن عنترة عن أبيه نحوه.
حديثه فيما يحل للخليفة من مال الله:
وأخرج أحمد عن عبد الله بن رزين قال: دخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الأضحى، فقرب إِلينا خزيرة، فقلنا: أصلحك الله لو أطعمتنا هذا البط ـ يعني الإِوز ـ فإن الله قد أكثر الخير، قال: يا ابن رزين، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتان: قصعة يأكلها هو وأهله، وقصة يضعها بين يدي الناس". كذا في البداية.
(٢١) ومن مناقبه إنكاره على من فضله على أبي بكر وعمر: