إنه الحسن بن أبي الحسن يسار، الإمام شيخ الإسلام أبو سعيد البصري المشهور بالحسن البصري، وصف الحسن البصري رحمه الله بأنه من كان من سادات التابعين وكبرائهم، وجمع كل فن من علم وزهد وورع وعبادة ومن القلائل الذين أجرى الله الحكمة على ألسنتهم فكان كلامه حكمة وبلاغة إنه التابعي الجليل الحسن البصري، ولا غَرْوَ ولا عجب فقد وُلِدَ رحمه الله تعالى في بيت تقى وصلاح، وفي بيت علم وهداية، وُلِدَ في بيتٍ تُلِيَ فيه القرآن تلي وعلى أصحابه تنزل، فقد كان مولده في بيت أم سلمة رضي الله عنها، إذ كانت أمه مولاة لها، وزاده قَدَرُ الله مَيْزَة أخرى، فلم يكن بيت أم سلمة رضي الله عنها مولده فحسب، بل لقد كان حجرها غطاءه، وصدرها سقاءه، فأدفته بصدرها، وأرضعته لبنها، وشاء الله أن يدر له منها لبنًا، فكان لبنًا مباركًا، غذى به ذرب اللسان، قوي الحجة والبيان، إن تحدث فجدير لأن يسمع له، وإن سئل فجدير بأن يجيب، إن وعظ علا صوته، وجرى دمعه، وبدا إخلاصه، فيظهر على الناس الأثر، يسبق فعله كلامه، كما يسبق ضوء الفجر وهج الشمس، مَنَّ الله تعالى عليه بأمور كثيرة رفعه بها بين الناس، وإن لم يكن ذا نسب رفيع، لكنه رفعه علمه وفضله وتقاه، طلب الحكام منه النصيحة فنصحهم، والعظة فوعظهم، وأعطوه أجرًا فرده وزجرهم، فهو لا يريد من البشر أجرًا إنما كان شعاره " إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى "[هود: ٢٩] فنعم الأجر هو، ونعم الرجل كان، إنه حليف الخوف والحزن، أليف الهم والشجن، إنه الحسن البصري رحمه الله.
[اسم الحسن البصري ونسبه:]
هو أبو سعيد، الحسن بن أبي الحسن بن يسار، كان أبوه مولى لزيد بن ثابت الأنصاري، وكان يسار من سبي حسان، سكن المدينة، وأعتق وتزوج في خلافة عمر رضي الله عنه بأم الحسن واسمها خيرة، كانت مولاة لأم المؤمنين أم سلمة المخزومية.