للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث عائشة الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه، قالت عائشة أو بعض أزواجه: إنا لنكره الموت، قال: (ليس ذاك، ولكنَّ المؤمن إذا حضره الموت بُشِّر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بُشِّر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله وكره الله لقاءه.

[لحظات المحتضرين:]

ولا بأس أخي الكريم، أن أذكر لك بعض لطائف المحتضرين، ممن فتح الله عليهم لحظة الموت بالثبات واليقين وختم لهم بصالح الأعمال جزاء على ما قدموا في حياتهم من الطاعات والقربات.

[*] فقد حكى القرطبي في كتابه التذكرة: عن شيخ شيخه أحمد بن محمد القرطبي أنه احتضر فقيل له: قل لا إله إلا الله، فكان يقول: لا. فلما أفاق ذكرنا له ذلك، فقال: أتاني شيطان عن يميني وعن يساري. يقول أحدهما: مت يهودياً فإنه خير الأديان. والآخر يقول: مت نصرانياً فإنه خير الأديان. فكنت أقول لهم: لا. لا. أنى تقولان هذا!! فكان الجواب لهما لا لكم.

فتذكر أخي الكريم عسر هذه اللحظات، وتذكر ما يحصل فيها من البلاء والفتن، فوالله إنها لأحرى بالتذكر والتأمل، والاستعداد والتشمير عن ساعد الجد بالانتهاء عما حرّم الله، وفعل ما افترضه وأوجبه، والإكثار من الخيرات وما ينفع في الدار الآخرة. فإن ذلك من أعظم ما يسهل على المرء سكرة الموت، ويجعله ثابتاً موقناً في دينه ساعة الاحتضار.

فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يحتضر ويقرأ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ [القمر:٥٥،٥٤]

(من دُرَرِ أقوال المحتضرين لحظة الاحتضار:

هآنذا أنقل لك كلام المحتضرين لتعلم علم اليقين الذي لا يخالطه شك مدى حقارة الدنيا وزوالها وأنها ظلُ زائر وخيال حائر وأن إقبالها خديعة وإدبارها فجيعة لا تدوم أحوالها ولا يسلم نزالها، حالها انتقال وسكونها زوال، غَرَّارَةٌ خَدُوع مُعْطِيَةٌ مَنُوع نزوع، فاسمع مقالتهم فيها عند حضور الموت وهم الذين ملكوا الدنيا بأسرها، وتأمل في قولهم بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند حضور الموت:

<<  <  ج: ص:  >  >>