ومن مناقبه أيضًا إنكاره على الذين كانوا يسبّون الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ففي "حلية الأولياء" للحافظ أبي نُعَيم أن المغيرة بن شعبة كان في المسجد الأكبر وعنده أهل الكوفة عن يمينه وعن يساره، فجاء سعيد بن زيد رضي الله عنه فأجلسه على السرير، ثم جاء رجل من أهل الكوفة فسَبَّ، فقال سعيد بن زيد رضي الله عنه: من يسب هذا يا مغيرة؟ قال: يسب علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال سعيد رضي الله عنه: يا مغيرة بن شعبة أعادها ثلاثًا ألا أسمع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبّون عندك فلا تنكر ولا تغير وأنا أشهد على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما سمعت أذناي ووعاه قلبي من رسول الله، فإني لم أكن أروي عنه كذبًا يسألني عنه إذا لقيته، أنه قال:"أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد في الجنة، وتاسع المؤمنين في الجنة"، قال فرَجّ أهل المسجد يناشدونه: يا صاحب رسول الله من التاسع؟ قال: ناشدتموني بالله، والله عظيم، أنا تاسع المؤمنين، ثم أتبع ذلك يمينًا فقال: لمشهَدٌ شَهِدَهُ رجل مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغبر وجهه مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أفضل من عمل أحدكم ولو عُمّر عُمر نوح، فانظر بعين البصيرة كيف ضرب سعيدِ ابن زيد - رضي الله عنه - أروع المثل في توقير ورحمة جماعة المؤمنين، والذود عن كبار الصحابة رضوان الله عليهم، وحفظ حقوقهم.
[(٤) إيثاره للخمول وإنكار الذات:]
[*] ... قال أبو نعيم في الحلية: رغب عن الولاية وتشمر في الرعاية! قمع نفسه وأخفى عن المنافسة في الدنيا شخصه! وبلغة العصر نقول: هو جندي مجهول!