{تنبيه}: وهذا موقف جليل، وشهادة صدق من ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، يقدم رجل من بلاد مصر، وقد نبتت عنده نبتة فتنة، وترسخ في قلبه جذر شبهة، وتنامى على لسانه حديث لوثته الشائعات وقبحته الأهواء.
[(١٣) عدل عثمان ذي النورين رضي الله عنه:]
أخرج السمَّان في الموافقة عن أبي الفرات قال: كان لعثمان رضي الله عنه عبد، فقال له: إني كنت عركت أُذنك فاقتصَّ مني، أخذ بأذنه ثم قال عثمان رضي الله عنه: أشدد، يا حبذا قصص في الدنيا، لا قصاص في الآخرة. كذا في الرياض النضرة في مناقب العشرة للمحب الطبري.
[مقتل عثمان - رضي الله عنه -:]
أخرج أبو أحمد عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه قال: لما اشتد الحصار بعثمان رضي الله عنه يوم الدار أشرف على الناس فقال: يا عباد الله، قال: فرأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه خارجاً من منزله، معتماً بعمامة رسول الله، متقلداً سيفه، أمامه الحسن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهم ـ في نفر من المهاجرين والأنصار حتى حملوا على الناس وفرقوهم. ثم دخلوا على عثمان رضي الله عنه فقال له عليٌّ رضي الله عنه: السلام عليك يا أمير المؤمنين، إنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَلْحَق هذا الأمر حتى ضرب بالمقبل المدبر، وإني ـ والله ـ لا أرى القوم إلا قاتليك، فمرنا فلنقاتل. فقال عثمان رضي الله عنه:
"أنشد الله رجلاً رأى لله حقاً، وأقر أنَّ لي عليه حقاً؛ أن يُهريق في سببي ملء حجمة من دم، أو يهريق دمه فيَّ".
فأعاد عليٌّ رضي الله عنه عليه القول. فأجابه بمثل ما أجابه. قال: فرأيت علياً خارجاً من الباب وهو يقول: اللهمَّ إِنَّك تعلم أنا بذلنا المجهود. ثم دخل المسجد وحضرت الصلاة. فقالوا له: يا أبا الحسن، تقدَّم فصلِّ بالناس. فقال: لا أصلِّي بكم والإِمام محصور، ولكن أصلِّي وحدي، فصلّى وحده وانصرف إلى منزله، فلحقه إبنه وقال: والله يا أبت قد اقتحموا عليه الدار. قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، هم والله قاتلوه. قالو: أين هو يا أبا الحسن؟ قال: في الجنة ـ والله ـ زلفى. قالوا: وأين هم يا أبا الحسن؟ قال: في النار والله ـ ثلاثاً ـ. كذا في الرياض النضرة في مناقب العشرة.