وإياك أن تفخر بقولك، وأن تعجب بنفسك، أو يخيل إليك أن ما رزقته لكرامة بك على ربك، وفضيلة على من لم يرزق مثل غناك، فإذا أنت أخطأت باب الشكر، ونزلت منازل أهل الفقر، وكنت ممن طغى للغنى وتعجل طيباته في الحياة الدنيا، فإني لأعظك بهذا وإني لكثير الإسراف على نفسي، غير محكم لكثير من أمري، ولو أن المرء لم يعظ أخاه حتى يحكم نفسه، ويكمل في الذي خلق له لعبادة ربه، إذاً تواكل الناس الخير، وإذاً يرفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستحلت المحارم، وقل الواعظون، والساعون لله بالنصيحة في الأرض. فلله الحمد رب السموات والأرض رب العالمين، وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
[(١١) ورع عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى:]
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن ميمون بن مهران، قال: أهدى إلى عمر ابن عبد العزيز تفاح وفاكهة، فردها وقال: لا أعلمن أنكم قد بعثتم إلى أحد من أهل عملي بشيء، قيل له: ألم يكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل الهدية؟ قال: بلى ولكنها لنا ولمن بعدنا رشوة.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عمرو بن مهاجر قال: اشتهى عمر تفاحاً، فقال: لو أن عندنا شيئاً من التفاح فإنه طيب؟ فقام رجل من أهله فأهدى إليه تفاحاً، فلما جاء به الرسول قال: ما أطيبه وأطيب ريحه وأحسنه، ارفع يا غلام واقرأ على فلان السلام وقل له: إن هديتك قد وقعت عندنا بحيث تحب، قال عمرو بن مهاجر: فقلت له: يا أمير المؤمنين ابن عمك رجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، قال: إن الهدية كانت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هدية، وهي لنا رشوة.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله بن مسلم يحدث، عن أبيه، قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز وعنده كاتب يكتب، قال: وشمعة تزهر وهو ينظر في أمور المسلمين، قال: فخرج الرجل وأطفئت الشمعة وجىء بسراج إلى عمر، فدنوت منه فرأيت عليه قميصاً فيه رقعة قد طبق ما بين كفيه، قال: فنظر في أمري.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عوف بن مهاجر، أن عمر بن عبد العزيز كانت تسرج له شمعة ما كان في حوائج المسلمين، فإذا فرغ من حاجتهم أطفأها ثم أسرج عليه سراجه.