وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن محمد بن زيد رضي الله عنه قال: إجتمع عليّ، وعثمان، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ـ رضي الله عنهم ـ وكان أجرأهم على عمر عبدُ الرحمن بن عوف قالوا: يا عبد الرحمن، لو كلمتَ أمير المؤمنين للناس فإنَّه يأتي الرجل طالب الحاجة فتمنعه هيبتك أن يكلمك في حاجته حتى يرجع ولم يقضِ حاجته، فدخل عليه فكلَّمه. فقال: يا أمير المؤمنين، لِنْ للناس فإنه يقدم القادم فتمنعه هيبتك أن يكلمك (في حاجته حتى يرجع ولم يكلمك). قال: يا عبد الرحمن، أنشدك الله أعلي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد أمروك بهذا؟ قال: اللهمّ نعم. قال: يا عبد الرحمن، والله لقد لنت للناس حتى خشيت الله في اللِّين، ثم اشتددت عليهم حتى خشيت الله في الشدّة، فأين المخرج؟ فقام عبد الرحمن يبكي يجرّ رداءه يقول بيده: أفَ لهم بعدك (أفَ لهم بعدك).
وعند ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما ولِيَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له رجل: لقد كاد بعض الناس أن يحيد هذا الأمر عنك. قال عمر: وما ذاك؟ قال: يزعمون أنك فظ. قال عمر: الحمد لله (الذي) ملأ قلبي لهم رُحْماً، وملأ قلوبهم لي رُعْباً. كذا في منتخب الكنز.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يزيد بن الأصم: أن رجلاً كان ذا بأس وكان يوفد على عمر لبأسه وكان من أهل الشام، وأن عمر فقده فسأل عنه فقيل له: تتابع في هذا الشراب فدعا كاتبه فقال اكتب: من عمر بن الخطاب إلى فلان، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، ثم دعا وأمن من عنده ودعوا له أن يقبل الله بقلبه وأن يتوب عليه، فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأ ويقول: غافر الذنب قد وعدني الله أن يغفر لي، وقابل التوب شديد العقاب. قد حذرني الله عقابه، ذي الطول والطول الخير الكثير، لا إله إلا هو إليه المصير، فلم يزل يرددها على نفسه ثم بكى ثم نزع فاحسن النزع، فلما بلغ عمر أمره، قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زل فسددوه ووفقوه وادعوا الله أن يتوب عليه.