للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] (أورد ابن أبي الدنيا رحمه الله تعالى في كتابه التواضع والخمول عن جميل بن زيد قال رأى بن عمر رجلا يجر إزاره فقال إن للشيطان إخوانا مرتين أو ثلاثا.

(فصلٌ في منزلة الفتوة:

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الفتوة هذه المنزلة

«حقيقتها هي منزلة الإحسان إلى الناس وكف الأذى عنهم واحتمال أذاهم» فهي استعمال حسن الخلق معهم فهي في الحقيقة نتيجة حسن الخلق واستعماله، والفرق بينها وبين المروءة: أن المروءة أعم منها فالفتوة نوع من أنواع المروءة فإن المروءة استعمال ما يجمل ويزين مما هو مختص بالعبد أو متعد إلى غيره وترك ما يدنس ويشين مما هو مختص أيضا به أو متعلق بغيره و الفتوة إنما هي استعمال الأخلاق الكريمة مع الخلق فهي ثلاثة منازل: منزلة التخلق وحسن الخلق ومنزلة الفتوة، ومنزلة المروءة، وقد تقدمت منزلة الخلق وهذه منزلة شريفة لم تعبر عنها الشريعة باسم الفتوة بل عبرت عنها باسم مكارم الأخلاق كما في حديث يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله بعثني لأتمم مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال، وأصل الفتوة من الفتى وهو الشاب الحديث السن قال الله تعالى عن أهل الكهف: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} [الكهف: ١٣] وقال عن قوم إبراهيم أنهم {قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: ٦٠] وقال تعالى عن يوسف {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف: ٣٦] وقال لفتيانه: {اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} [يوسف:٦٢]

فاسم الفتى لا يشعر بمدح ولا ذم كاسم الشاب والحدث ولذلك لم يجيء اسم الفتوة في القرآن ولا في السنة ولا في لسان السلف وإنما استعمله من بعدهم في مكارم الأخلاق وأصلها عندهم: أن يكون العبد أبدا: في أمر غيره وأقدم من علمته تكلم في الفتوة جعفر بن محمد ثم الفضيل بن عياض والإمام أحمد وسهل بن عبد الله والجنيد ثم الطائفة فيذكر أن جعفر بن محمد سئل عن الفتوة فقال للسائل: ما تقول أنت فقال: إن أعطيت شكرت وإن منعت صبرت فقال: الكلاب عندنا كذلك فقال السائل: يا ابن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما الفتوة عندكم فقال: «إن أعطينا آثرنا وإن منعنا شكرنا»

(وقال الفضيل بن عياض: الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>