فالمقصود أن هذه الأعراف .. والعادات .. والفضلات .. والمباحات .. قد تكون حجاباً بين العبد وبين ربه .. وقد تكون كثرة النوم حجاباً بين العبد وبين الله .. قد يكون الزواج وتعلق القلب به حجاب بين العبد وبين الله .. وهكذا الاهتمام بالمباحات .. والمبالغة في ذلك .. وشغل القلب الدائم بها .. قد يكون حجاباً غليظاً يقطعه عن الله.
نسأل الله عز وجل ألا يجعل بيننا وبينه حجاباً ..
[الحجاب الثامن: حجاب أهل الغفلة عن الله:]
والغفلة تستحكم في القلب حين يفارق محبوبه جل وعلا .. فيتبع المرء هواه .. ويوالي الشيطان .. وينسى الله قال تعالى: (وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) [الكهف:٢٨] .. ولا ينكشف حجاب الغفلة عنه إلا بالانزعاج الناشئ عن انبعاث ثلاثة أنوار في القلبهي ما يلي:
(١) نور ملاحظة نعمة الله تعالى في السر والعلن .. حتى يغمر القلب محبته جلّ جلاله. فإن القلوب فطرت على حب من أحسن إليها.
(٢) نور مطالعة جناية النفس .. حتى يوقن بحقارتها .. وتسببها في هلاكه .. فيعرف نفسه بالازدراء والنقص .. ويعرف ربه بصفات الجمال والكمال .. فيبذل لله .. ويحمل على نفسه في عبادة الله .. لشكره وطلب رضاه.
(٣) نور الانتباه لمعرفة الزيادة والنقصان من الأيام .. فيدرك أن عمره رأس ماله. فيشمّر عن ساعد الجدّ حتى يتدارك ما فاته في يقسة عمره.
فيظل ملاحظا لذلك كله .. فينزعج القلب .. ويورثه ذلك يقظة تصيح بقلبه الراقد الوسنان .. فيهب لطاعة الله .. سبحانه وتعالى .. فينكشف هذا الحجاب .. ويدخل نور الله قلب العبد .. فيستضيء.
[الحجاب التاسع: حجاب اهل العادات والتقاليد والأعراف:]
إن هناك أناسا عبيد للعادة .. تقول له: لم تدخن؟!! .. يقول لك: عادة سيئة .. أنا لا أستمتع بالسيجارة .. ولا ضرورة عندي إليها .. وإنما عندما أغضب فإني أشعل السيجارة .. وبعد قليل أجد أني قد استرحت.
ولما صار عبد السيجارة .. فصارت حجابا بينه وبين الله .. ولذلك أول سبيل للوصول الى الله خلع العادات .. ألا تصير لك عادة .. فالإنسان عدو عادته فلكي تصل الى الله، فلا بد أن تصير حرا من العبودية لغير الله.
[*] قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" ولا تصح عبوديته ما دام لغير الله فيه بقية" .. فلا بد أن تصير خالصا لله حتى يقبلك.
الحجاب العاشر: حجاب المجتهدين المنصرفين عن السير إلى المقصود: