للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت هذا ثمرة المحنة المحمودة أنها ترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ويعفو الله عن كثير، ومن يرد الله به خيرا يصيب منه، وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل قضاء المؤمن خير له وقال الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنّكُمْ حَتّىَ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصّابِرِينَ) [محمد: ٣١] وأنزل الله تعالى في وقعه أحد قوله تعالى: (أَوَ لَمّا أَصَابَتْكُمْ مّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنّىَ هََذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ) [آل عمران: ١٦٥] وقال تعالى: (وَمَآ أَصَابَكُمْ مّن مّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى: ٣٠] فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط ثم يحمد الله على سلامة دينه ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له.

[(٥) ورع مالك ابن أنس رحمه الله:]

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عمرو بن يزيد ـ شيخ من أهل مصر ـ صديق لمالك بن أنس، قال: قلت لمالك: يا أبا عبد الله يأتيك ناس من بلدان شتى قد أنضوا مطاياهم، وأنفقوا نفقاتهم، يسألونك عما جعل الله عندك من العلم تقول: لا أدري فقال: يا عبد الله يأتيني الشامي من شامه، والعراقي من عراقه، والمصري من مصره، فيسألونني، عن الشيء لعلي أن يبدو لي فيه غير ما أجيب به فأين أجدهم؟ قال عمرو: فأخبرت الليث بن سعد بقول مالك.

[(٦) منابذة مالك ابن أنس لأهل الأهواء:]

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء، قال: أما إني على بينة من ربي وديني، وأما أنت فشاك إلى شاك مثلك فخاصمه، وكان يقول: لست أرى لأحد يسب أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الفيء سهماً.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يحيى بن خلف بن الربيع الطرسوسي - وكان من ثقات المسلمين وعبادهم، قال: كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل، فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق? فقال مالك: زنديق اقتلوه، فقال: يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاماً سمعته، فقال: لم أسمعه من أحد، إنما سمعته منك، وعظم هذا القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>