[(٩) إنفاق أبي بكر رضي الله عنه ماله كله عند الهجرة:]
أخرج ابن إسحاق عن أسماء رضي الله عنها قالت: لمَّا خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخرج أبو بكر رضي الله عنه معه إحتمل أبو بكر مالَه كله معه ـ خمسة آلاف درهم، أو ستة آلاف درهم ـ، فانطلق بها معه. قالت: فدخل علينا جدِّي أبو قحافة وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لأُراه قد فجعكم بماله مع نفسه. قالت: قلت: كلا يا أبت، إِنه قد ترك لنا خيراً كثيراً. قالت: وأخذت أحجاراً فوضعتها في كوّة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوباً ثم أخذت بيده فقلت: يا أبت ضع يدك على هذا المال. قالت: فوضع يده عليه فقال: لا بأس، إذا كان قد ترك لكم هذا فقد أحْسَن، وفي هذا بَلاغٌ لكم؛ ولا ـ والله ـ ما ترك لنا شيئاً، ولكن أردت أن أُسَكِّن الشيخ بذلك، كذا في البداية. وأخرجه أحمد والطبراني بنحوه. قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع. انتهى.
(١٠) وأنفق ماله كله لما حث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على النفقة:
علم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه كيف ينفقون الأموال وما أعطاهم الله تبارك وتعالى في سبيل الله ومواقع رضاء الله، وكيف كان ذلك أحبَّ إليهم من الإِنفاق على أنفسهم، وكيف كانوا يُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وقد ضرب أبو بكر أروع المثل في ذلك يوم أنفق ماله كله.
(حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) قال: أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي، فقال [لي] رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "" ما أبقيت لأهلك؟ "" فقلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر [رضي الله عنه] بكل ما عنده، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"" ما أبقيت لأهلك؟ "" قال: أبقيت لهم الله ورسوله قلت: لا أسابقك إلى شىء أبدا.