وفي يوم من الأيام خرج إبراهيم ابن ادهم راكبًا فرسه، وكلبه معه، وأخذ يبحث عن فريسة يصطادها، وكان إبراهيم يحب الصيد، وبينما هو كذلك إذ سمع نداء من خلفه يقول له:(يا إبراهيم ليس لذا خلقت، ولا بذا أمرت) فوقف ينظر يمينه وشماله، ويبحث عن مصدر هذا الصوت فلم ير أحدًا، فأوقف فرسه ثم قال: والله لا عصيت الله بعد يومي ذا ما عصمني ربي.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يونس البلخي قال كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب والجنائب والبزاة فبينا إبراهيم في الصيد على فرسه يركضه إذا هو بصوت من فوقه يا إبراهيم ما هذا العبث " (أَفَحَسِبْتُمْ أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً)[المؤمنون:١١٥] " اتق الله عليك بالزاد ليوم الفاقة فنزل عن دابته ورفض الدنيا.
ورجع إبراهيم بن أدهم إلى أهله، فترك حياة الترف والنعيم ورحل إلى بلاد الله الواسعة ليطلب العلم، وليعيش حياة الزهد والورع والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يكن إبراهيم متواكلاً يتفرغ للعبادة والزهد فقط ويعيش عالة على غيره، بل كان يأكل من عمل يده، ويعمل أجيرًا عند أصحاب المزارع، يحصد لهم الزروع، ويقطف لهم الثمار ويطحن الغلال، ويحمل الأحمال على كتفيه، وكان نشيطًا في عمله، يحكي عنه أنه حصد في يوم من الأيام ما يحصده عشرة رجال، وفي أثناء حصاده كان ينشد قائلا: اتَّخِذِ اللَّه صاحبًا ... ودَعِ النَّاسَ جانبا.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن علي بن بكار قال: كان إبراهيم من بني عجل كريم الحسب وإذا حصد ارتجز وقال * اتخذ الله صا حبا ودع الناس جانبا * وكان يلبس فروا بلا قميص وفي الصيف شقتين بأربعة دراهم إزار ورداء ويصوم في الحضر والسفر ولا ينام الليل وكان يتفكر ويقبض أصحابه أجرته فلا يمسها بيده ويقول كلوا بها شهواتكم وكان ينطر وكان يطحن بيد واحدة مدين من قمح.
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء أن إبراهيم بن أدهم حصد ليلة ما يحصده عشرة فأخذ أجرته دينارا.
[*] مناقب إبراهيم بن أدهم رحمه الله:
كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله من أئمة تابعي التابعين، من أئمة الهدى وأعلام التقى ومصابيح الدجى، من حلية الأولياء وأعلام النبلاء، الأضواء اللامعة والنجوم الساطعة.
وهاك غَيْضٍ من فيض ونقطةٍ من بحر مما ورد في مناقبه جملةً وتفصيلا رحمه الله تعالى: