للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: دلوني على مكان رسول الله، فلما عرفوا منه الصدق قالوا: هو في أسفل الصفا. فأخذ عمر سيفه فتوشّحه ثم عمد إلى رسول الله وأصحابه فضرب عليهم الباب، فلما سمعوا صوته وَجِلوا ولم يجترئ أحد منهم أن يفتح له، لما قد علموا من شدته على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما رأى حمزة رضي الله عنه وجَلَ القوم قال: مالكم؟ قالوا عمر بن الخطاب قال: عمر بن الخطاب؟ افتحوا له، فإن يرد الله به خيراً يُسلم، وإن يرد غير ذلك يكن قتله عليناً هيناً، ففتحوا، وأخذ حمزة ورجل آخر بعضديه حتى أدخلاه على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال أرسلوه (١)، ونهض إليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأخذ بحجزته (٢)، وبجمع ردائه ثم جبذه جَبْذَة شديدة، وقال: ما جاء بك يا ابن الخطاب؟ والله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة، فقال له عمر:

يا رسول الله جئتك أؤمن بالله وبرسوله وبما جئت به من عند الله، قال: فكبّر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعرف أهل البيت من أصحاب رسول الله أن عمر قد أسلم، فتفرق أصحاب رسول الله من مكانهم وقد عزّوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة بن عبد المطلب، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله، وينتصفون بهما من عدوهم (٣).

[- أثر إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على الدعوة:]

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نطوف بالبيت ونصلي، حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتلهم حتى تركونا، فصلينا وطفنا (٤). وقال أيضاً: كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة، لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي ونطوف بالبيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتلناهم حتى تركونا نصلي (٥) وقال صهيب بن سنان:

لما أسلم عمر بن الخطاب، ظهر الإسلام، ودعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقاً، وطفنا بالبيت وانتصفنا ممن غلظ علينا ورددنا عليه (٦).

- دعوة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:


(١) أخبار عمر الطنطاويات ص١٨.
(٢) حجز الإنسان: معقد السراويل والإزار لسان العرب (٥/ ٣٣٢).
(٣) فضائل الصحابة للإمام أحمد (١/ ٣٤٤).
(٤) فضائل الصحابة (١/ ٣٤٤) إسناده حسن.
(٥) الشيخان أبو بكر وعمر برواية البلاذري ص١٤١.
(٦) الطبقات الكبرى (٣/ ٢٦٩)، صفة الصفوة (١/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>