ومعنى الحديث أنه يستحب لمن رأى امرأة فتحركت شهوته أن يأتي امرأته أو جاريته إن كانت له فليواقعها ليدفع شهوته وتسكن نفسه ويجمع قلبه على ما هو بصدده. قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان" قال العلماء: معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء وإِلالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجال الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقاً.
((حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن المرأة إذا أقبلت أقبلت في صورة شيطان فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله فإن معها مثل الذي معها.
[أحوال الإنسان مع الهوى:]
للإنسان مع الهوى ثلاثة أحوال كما يقول أحد السلف:
(الحالة الأولى: أن يغلبه الهوى، فيملكه، ولا يستطيع له خلافاً، وهو حال أكثر الخلق، وهو الذي قال الله فيه: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الجاثية:٢٣].
(الحالة الثانية: أن يكون الحرب بينهما سجالاً، تارةً له اليد، وتارةً عليه اليد، تارةً يغلب الهوى، وتارةً يغلب الإنسان هواه.
(الحالة الثالثة: أن يغلب الإنسان هواه، فيصير مستولياً عليه؛ مستولياً على هذا الهوى لا يقهره بحال من الأحوال، وهذا هو الملك الكبير والنعيم الحاضر، قال عليه الصلاة والسلام: (ما من أحدٍ إلا وله شيطان) أي: يأمر بالشر، حتى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمره بالشر، الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في الحديث الصحيح:(إلا أن الله أعانني عليه فأسلم)
((حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم) أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من عندها ليلاً قالت: فغِرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع فقال:«ما لك يا عائشة أغِرْتِ» فقلت: ما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لقد جاءك شيطانك»، قلت: يا رسول الله أمعي شيطان؟ قال:«نعم»، قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال:«نعم»، ولكن أعانني الله حتى أسلم»