من هنا نعرف لأي أبٍ ينتمي عبد الله، إنه ينتمي لأب صالح ولصلاح الأب جائزة عظمى يجدها عند لقاء ربه، ويبقى أثرها في ولده وهو ما نجده في القصص القرآني الحكيم من قصة الغلامين اليتيمين قال تعالى:{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً}[الكهف:٨٢].
فكان صلاح الأب سببًا في استخراج الكنز، وكذلك كان الحال مع عبد الله بن المبارك، فسنة الله لا تتخلف، كان الأب صالحًا فاستخرج عبد الله كنزًا تمثل في مال صار على يديه وابلاً ثجاجًا، وحصّل علما وأدبًا وفقها مازالت تتوارثه الأجيال!
فانظر بعين الاعتبار وتفكر جلياً وتأمل ملياً كيف كان ثمرة صلاح الأب أن أنتج عالماً جليلاً مثل ابن المبارك الذي ملأ الدنيا علماً وورعاً وزهداً، رحمه الله تعالى فقد قَلَّدَه أقرانه من العلماء في أفعاله فعجزوا، وقلده الأغنياء في كرمه وجوده وسخائه فلم يفلحوا!! فهو السخي الجواد، وقبل ذلك العالم العامل، العابد الشجاع المجاهد، قالوا عنه: الزاهد العابد، الفقيه المجاهد، ثم قالوا عنه: شيخ الإسلام.
[مولد ابن المبارك رحمه الله:]
[*] قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء:
ولد ابن المبارك سنة ثمان عشرة ومئة وأما الحاكم فروى عن أبي أحمد الحمادي سمعت محمد بن موسى الباشاني سمعت عبدان بن عثمان يقول سمعت عبد الله يقول ولدت سنة تسع عشرة ومئة.