(حديث معاوية رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ستكون أئمة من بعدي يقولون فلا يرد عليهم قولهم يتقاحمون في النار كما تقاحم القردة.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
(ستكون أئمة من بعدي يقولون فلا يرد عليهم قولهم يتقاحمون في النار) أي يقعون فيها كما يقتحم الإنسان الأمر العظيم وتقحمه رمى نفسه بلا روية وتثبت
(كما تقاحم القردة) قال بعضهم: إذا اتصف القلب بالمكر والخديعة والفسق وانصبغ بذلك صبغة تامة صار صاحبه على خلق الحيوان الموصوف بذلك من القردة والخنازير وغيرهما ثم لا يزال يتزايد ذلك الوصف فيه حتى يبدو على صفحات وجهه بدواً خفياً ثم يقوى ويتزايد حتى يصير ظاهراً جلياً عند من له فراسة فيرى على صور الناس مسخاً من صور الحيوانات التي تخلقوا بأخلاقها باطناً فقل أن ترى محتالاً مكاراً مخادعاً إلا على وجهه مسخة قرد وأن ترى شرهاً نهماً إلا على وجهه مسخة كلب فالظاهر [ص ١٠١] مرتبط بالباطن أتم ارتباط. (١).
[(١٩) تحقيقه للعدل والمساواة رضي الله عنه:]
كان عمر رضي الله عنه آيةً في العدل، وهاك بعض مواقفه في إقامته للعدل والقسط بين الناس: وهاك بعض المواقف الدالة على عدله - رضي الله عنه -:
أخرج ابن عساكر، وسعيد بن منصور، والبيهقي عن الشَّعْبي قال: كان بين عمر وبين أُبيّ بن كعب ـ رضي الله عنهما ـ خصومة. فقال عمر: أجلع بيني وبينك رجلاً، فجعلا بينهما زيد بن ثابت رضي الله عنه. فأتياه فقال عمر: أتيناك لتحكم بيننا وفي بيته يُؤتى الحَكَمُ. فلما دخلا عليه وسَّع له زيد عن صدر فراشه فقال: ها هنا أمير المؤمنين. فقال له عمر: هذا أول جَوْر جُرْت في حكمك، ولكن أجلس مع خصمي، فجلسا بين يديه. فادّعى أُبيّ وأنكر عمر، فقال زيد لأُبيّ: أعفِ أمير المؤمنين من اليمين وما كنت لأسألها لأحد غيره، فحلف عمر، ثم أقسم: لا يدرك زيدٌ القضاءَ حتى يكون عمرُ ورجلٌ من عُرْض المسلمين عنده سواء. وعند ابن عساكر عن الشَّعْبي قال: تنازع في جعذاذ نخل أبيّ بن كعب، وعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ، فبكى أبيّ ثم قال: أفي سلطانك يا عمر؟ فقال عمر: إجعل بيني وبينك رجلاً من المسلمين. قال أبيّ: زيد، قال: رِضًى، فانطلقا حتى دخلا على زيد ـ فذكر الحديث كما في كنز العمال.