للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: سأل موسى ربه فقال: يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعدما يدخل أهل الجنةِ الجنة فيقال له: ادخل الجنة فيقول: أي رب كيف و قد نزل الناس منازلهم و أخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلْكِ مَلِكٍ من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب فيقول: لك و مثله و مثله و مثله و مثله فقال في الخامسة: رضيت رب فيقول هذا لك وعشرة أمثاله و لك ما اشتهت نفسك و لذت عينك فيقول رضيت رب! قال: رب فأعلاهم منزلة قال أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي و ختمت عليها فلم تر عين و لم تسمع أذن و لم يخطر على قلب بشر قال ومصداقة في كتاب الله عز وجل (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مّآ أُخْفِيَ لَهُم مّن قُرّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [السجدة ١٧]

فهذه الجنة وهذه درجاتها, قد بنيت وهيئت لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد, ففيها والله يحمد التنافس بالطاعة والقربات وإليها تجب المسارعة بالخيرات والحسنات فأين ذوو الهمم العالية, وقد دعوا إلى السباق, وأين طلاب السمو, وقد قرب اللحاق.

فلا تتصور ـ أخي الكريم ـ أن ذلك النعيم المقيم, ينال بالراحة والتفكه , بل إن طريقه وعر طويل ودربه قد حف بالمكاره والعقبات فلا يسلكه إلا مشمر عن ساعد الجد مخلص قد باع نفسه وماله يبتغي بذلك الجنة , وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات".

[الشهداء ممن ينالون الدرجات العلى:]

أخبرنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن الشهداء في سبيل الله ممن ينالون تلك الدرجات العلى كما في الحديث الآتي:

(حديث نعيم بن همار رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الأول فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة يضحك إليهم ربك فإذا ضحك ربك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه.

ولك أن تتصور نفسك يا عبد الله وقد رفع الله درجتك ومنزلتك في الجنة مع الأنبياء والشهداء, وما ذلك على الله بعزيز .. إذا صدقت الله فأجبت داعيه إذ يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>