تزود من التقوى فإنك لا تدري ... إذا جَنَّ ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة ... وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من صبي يرتجى طول عمره ... وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
(أخي الحبيب:
حاسب نفسك في خلوتك، وتفكر في سرعة انقراض مدتك، واعمل بجد واجتهاد في زمان فراغك لوقت حاجتك وشدتك، وتدبر قبل الفعل ما يملى في صحيفتك، فأين الذي جمعته من الأموال؟ أأنقذك من البلى والأهوال؟ كلا بل تتركه إلى من لا يحمدك، وتقدم بأوزار على من لا يعذرك، وكن لتلك اللحظات على استعداد، وتزود بالتقوى ليوم المعاد، واعلم أنك تموت على ما حييت عليه، وأنك تبعث على ما مت عليه. فكيف نستعد للموت؟!
[مسألة: كيف نستعد للموت؟]
فصل الخطاب في هذه المسألة أنه يُستعدُ للموت بالآتي:
[(١) اجتناب المنهيات:]
(٢) أداء الفرائض والواجبات:
(٣) كثرة ذكرالموت:
(٤) محاسبة النفس:
(٥) الإكثار من الطاعات والقربات:
وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:
[(١) اجتناب المنهيات:]
فاجتنب أخي الكريم ما نهاك الله عنه، وجاهد نفسك بالابتعاد عن الشهوات والشبهات واعلم أن الله جل وعلا يغار على محارمه.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله.
[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:
والغيرة بفتح الغين وهي في حقنا الأنفة، وأما في حق الله تعالى فقد فسرها هنا في حديث عمر والناقد بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه أي غيرته منعه وتحريمه.
وقد أوعد الله جل وعلا من تعدى حدوده وانتهك حرماته بالفتنة والعذاب. فقال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:٦٣]
{تنبيه}: (الإنسان بطبعه ضعيف الإرادة وقد تغلبه نفسه ويضعف أمام الشهوات والمغريات ويميل إلى المعصية إلا من اعتصم بالله تعالى وسأله بصدقٍ أن يعصمه فإن من صَدَقَ الله صَدَقَهُ الله تعالى وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث شداد بن أوس في صحيح النسائي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن تصدق الله يصدقك.