فإذا الفتور يصبح حماساً، والكلل يصير عملاً، ولذلك قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت: لسير الصالحين أحب إلينا من كثير من الفقه، ذلك لأن الفقه وحده ودراسة العلوم وحدها دون مواعظ تلين لها القلوب أو تذكرة ترق لها الأسماع. تصبح القلوب أوعية للعلم ولا عمل، تصبح القلوب قاسية كالحجارة أو أشد قسوة فما أحوجنا أيها الأخوة وخاصة طلبة العلم لسير الصالحين وآدابهم واتباع سيرهم والاقتداء بسمتهم ودلّهم.
ولله درُّ من قال:
كرر علي حديثهم يا حادي ... فحديثهم يجلو الفؤاد الصادي.
، وإن حياة التابعين فيها مواقف عظيمة تدل على مدى قوة إيمان هؤلاء الناس فلقد ملأوا الدنيا نورا بعلمهم وبأخلاقهم واستطاعوا أن يغتنموا كل وقتهم في طاعة الله تعالى والتقرب إليه، وهاك سير كوكبة مباركة منهم فتأمل بعين في سِيَرِهِم بعينِ البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
[سيرة أويس القرني خير التابعين:]
أويس القرني خير التابعين، من أئمة الهدى وأعلام التقى ومصابيح الدجى، من حلية الأولياء وأعلام النبلاء، من الأضواء اللامعة والنجوم الساطعة.
اسم أويس القرني ونسبه:
أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن المذحجي المرادي.
وقرن بطن من مراد.
{تنبيه}: أويس القرني: أبو عمرو: أويس، بن عامر، بن جزء، بن مالك، القرني، المرادي اليماني، من سادات التابعين، والأولياء الصالحين، أدرك زمن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأسلم ولكنه لم يلقه، منعه من السفر إليه بره بأمه كما حكى ذلك الحافظ أبو نعيم في " حلية الأولياء " (٢/ ٨٧) عن أصبغ بن زيد، فليس هو من الصحابة، وإنما هو من التابعين، ولد ونشأ في اليمن.
[*] مناقب أويس القرني رحمه الله:
[*] قال عنه الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء:
سيد العباد، وعلم الأصفياء من الزهاد؛ أويس بن عامر القرني. بشر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به، وأوصى به أصحابه.
[*] قال عنه الإمام الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (٤/ ١٩):
" القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه، كان من أولياء الله المتقين، ومن عباده المخلصين".
وهاك غَيْضٍ من فيض ونقطةٍ من بحر مما ورد في مناقب أويس القرني رحمه الله تعالى جملةً وتفصيلاً:
أولاً مناقب أويس القرني جملةً:
(١) أويس القرني خير التابعين بنص السنة الصحيحة: