«كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان»: قال أهل اللغة: الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان من فوق رأسه من سحابة وغبرة وغيرهما. نقله النووي. وفي القاموس: الغمامة: السحابة أو البيضاء من السحب. والغياية كل ما أظل الإنسان من فوق رأسه كالسحاب ونحوه. والمراد أن ثوابهما يأتي بهذا المنظر.
«أو كأنهما فرقان من طير صواف»: الفرقان والحزقان: معناهما واحد، وهما قطيعان وجماعتان، يقال في الواحد: فرق وحزق وحزيقه، أي جماعة، ومعنى «صواف»: باسطة أجنحتها ملتصق بعضها ببعض كما كانت تظلل سليمان عليه السلام، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تحاجان عن أصحابهما» أي تدافعان بالحجة عن أصحابهما.
«فإن أخذها بركة وتركها حسرة»: أي قراءتها بركة وترك قراءتها حسرة وخسارة.
أخذها بركة: أي زيادةٌ ونماء
وتركها حسرة: أي على ما فاته من الثواب
[ولا تستطيعها البطلة:]
«ولا تستطيعها البطلة» أي السحرة، تسمية لهم باسم فعلهم، لأن ما يأتون به الباطل، وإنما لم يقدروا على قراءتها ولم يستطيعوها لزيغهم عن الحق وانهماكهم في الباطل، ويصح أن يكون المعنى ولا يستطيع دفعها واختراق تحصينها لقارئها السحرة.
وقيل: المراد من البطلة أهل البطالة، أي لا يستطيعون قراءتها وتدبر معانيها لكسلهم.
(حديث أبي موسى في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترُجَّة ريحها طيب و طعمها طيب و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها و طعمها حلو و مثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر و مثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح و طعمها مر.
فهنيئاً لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب.
(١٥) حفظ القرآن سبب للنجاة من النار كما في الحديث الآتي:
(حديث عصمة بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار.
[*] قال ابن الأثير:
وقيل الْمعنى: مَن علَّمهُ اللهُ القرآنَ لم تحرقْهُ نارُ الآخرةِ، فجُعِلَ جسمُ حافظ القرآن كالإهاب له.
[*] قال أبو أمامة: إن الله لا يعذب بالنار قلباً وعى القرآن.
(١٦) حفظ القرآن رفعة في درجات الجنة، كما في الحديث الآتي: