للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد أكرمه الله تعالى بالزواج من بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رقية، وقصة ذلك أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قد زوجها من عتبة بن أبي لهب، وزوج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة المسد (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ - مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ - سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ - وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ - فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) " [المسد: ١ - ٥]. قال لهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب بن أمية "حَمَّالَةَ الْحَطَبِ" فارقا ابنتي محمد، ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما كرامة من الله تعالى لهما، وهوانًا لابني أبي لهب (١) , وما كاد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يسمع بخبر طلاق رقية حتى استطار (٢) فرحا، وبادر فخطبها من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فزوجها الرسول الكريم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منه، وزفتها (٣) أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وقد كان عثمان من أبهى قريش طلعة، وكانت هي تضاهيه قسامة وصباحة، فكان يقال لها حين زفت إليه:

أحسن زوجين رآهما إنسان ... رقية، وزوجها عثمان (٤)

ظنت أم جميل بنت حرب وزوجها أبو لهب أنهما بتسريح رقية وأم كلثوم -رضي الله عنهما- سيصيبان من البيت المحمدي مقتلا أو سيوهنانه، ولكن الله -عز وجل- اختار لرقية وأم كلثوم الخير، وباءت أم جميل وأبو لهب بغيظهما لم ينالا خيرا, وكفى الله البيت النبوي شرهما، وكان أمر الله قدرا مقدورا (٥).

[(٢) حياء عثمان رضي الله عنه:]

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم علي بن أبي طالب وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت ألا وإن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.


(١) ذو النورين عثمان بن عفان، محمد رشيد رضا، ص١٢.
(٢) كاد يطير من شدة الفرح.
(٤) زفتها: قدمتها إلى زوجها.
(٤) أنساب الأشراف، ص٨٩.
(٥) دماء على قميص عثمان، د. إبراهيم المنتاوي، ص٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>