للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كم رأيت صاحب منزل ما نزل لحده، حتى نزل! و كم شاهدت والي قصر وليه عدوه لما عزل! فيا من كل لحظة إلى هذا يسري، و فعله فعل من لا يفهم لو لا يدري ...

و كيف تنام العين و هي قريرة؟ ... و لم تدر من أي المحلين تنزل؟ أهـ

- فالكيِّس الفطِن هو الذي يجعل نصبَ عينيه أن الدّنيا دارُ اختبارٍ وبلاء، وأنّها مزرَعةٌ للآخرة، وأن الله تعالى استخلفنا فيها فينظر كيف نعمل بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء.

وما يزرعه النّاس فيها اليومَ يحصدوه غدًا في الآخرة إن شاء الله تعالى، فمن زرع الطاعة رجا المغفرة، ومن زرع الشوك لا يجني عنباً، قال الله تعالى: الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:٢]، وهي صائرةٌ إلى فناءٍ وزوال، قال الله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبّكَ ذُو الْجَلْالِ وَالإكْرَامِ [الرحمن:٢٦، ٢٧].

• يا من يرجو الثواب بغير عمل، ويرجئ التوبة بطول الأمل، أتقول في الدنيا قول الزاهدين، وتعمل فيها عمل الراغبين، لا بقليل منها تقنع ولا بكثير منها تشبع، لا تثق من الرزق بما ضُمِنَ لك، ولا تعمل من العمل ما فرض عليك، تستكثر من معصية غيرك ما تحقره من نفسك، أما تعلم أن الدنيا كالحية لين لمسها والسم الناقع في جوفها، يهوى إليها الصبي

الجاهل ويحذرها ذو اللب العاقل، كيف تقر بالدنيا عين من عرفها وما أبعد أن يفطم عنها من ألفها.

• الدنيا معبر فاقنع باليسير، وليكن همك في الرحيل والمسير، كم من جامع لها فرقته، ومن محب لها أهلكته ومزقته، من قنع بالبلغة فيها سلم ومن أكثر منها أسف وندم.

• ذم الدنيا:

إن الذي يُمْعِنُ النظر في كتاب الله تعالى والسنة الصحيحة إذا تفكَّر جليا وتأمل مليا يعلم علم اليقين الذي لا يخالطه شك أن الدنيا مذمومة في الوحيين الشريفيين.

قال تعالى: وَفَرِحُواْ بِالْحياةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحياةُ الدُّنْيَا فِى الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ [الرعد:٢٦]

قال تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} [الحديد: ٢٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>